قراءه في الميزابيه للشيخ محمد المامي'-- الحلقه السادسه بعد الأربعين--

 



قول الشيخ:(ثم التي رشقت بمنع مبتدا.*او بعد تقسيم فخف إرهابها...) لعل الشيخ يعني هنا منع حكم الاصل بدليل كونه الاول من المسائل التي تقدمت في مقدمات القياس في قوله:(فمدمات القيس الاربع فادرها*من قبل حزك والتمس آرابها*إثبات حكم الاصل منها خنصر...) وعده بالختصر كناية عن أهميته وتلمديح لقول الشاعر:( وإذا الفوارس عددت أبطالها*عدوك في أثنائهم بالخنصر ) قوله:(ثم التي رشقت بمنع مبتدا...) يعدد فيها ما يرد على المقدمة الاولى من القياس وهي التي عبر عنها الشيخ فيما تقدم قريبا بقوله:(إثبات حكم الاصل منها خنجر ...) وفي ذلك يقول ابن السبكي في سياق تعداده لبعض الاعتراضات :(الثالث ما يرد على المقدمة الاولى من القياس وهو دعوى حكم الاصل ولا مجال للمعارضة فيه لأنه غصب لمنصب الاستدلال فتعين المنع إما ابتداء وهو منع حكم الاصل أو بعد تقسيم وهو التقسيم ...)راجع منع الموانع عن جمع الجوامع تحقيق: د سعيد بن علي محمد الحميري ط دار البشائر الاسلاميه/الطبعة الثانيه:1432 هجريه بيروت لبنان /ص:406 --407.
تعريف المنع عرفه البرماوي (منع العليه في الوصف الذي علل به المستدل والمطالبة بتصحيح ذلك...) راجع الفوائد السن به م،س/ج:5/ص:2060 وعن منع حكم الاصل هذا يقول ابن الحاجب (والصحيح ليس قطعا المستدل بمفرده لأنه كمنع مقدمة ممتعة العلية في العلة ووحودها فيثبتها وقيل ينقطع لانتقاله واختار الغزالي اتباع غرف المكان وقال الشيرازي لا يسمع فلا يلزم دلالة عليه وهو بعيد إذ لا تقوم الحجة على خصمه مع منع أصله والمختار لا ينقطع المعارض بمجرد الدلالة بل له أن يعترض إذ لا يلزم من صورة دليل صحته قالوا خارج عن المقصود الأصلي قلنا ليس بخارج.) وقد شرح هذا الكلام العضد فقال:(أقول ومن الأسئلة منع ثبوت الحكم في الأصل مطلقا مثاله أن يقول المستدل جلد الخنزير لا يقبل الدباغ للنجاسة الغليظة كالكلب فيقول لا نسلم أن جلد الكلب لا يقبل الدباغ أو لم قلت إنه لا يقبل الدباغ إذ حاصل المنع والمطالبة بالدليل واحد فإذا منع المعترض حكم الاصل فقد اختلف في أنه هل يكون بمجرده قطعا للمستدل فمنهم من قال إنه قطع ولا يمكن من إثباته بالدليل لأنه انتقال إلى حكم آخر شرعي الكلام فيه بقدر الكلام في الأول سواء فقد حيل بينه وبين مرامه وشغل عنه بغيره فقد ظفر المعترض بما رام فإن ذلك غاية مرماه والصحيح أنه لا ينقطع بمجرده وإنما بنقطع إذا ظهر عجزه عن إثباته بالدليل وإنما لم يكن قطعا لأنه لا ينقم منه إلا أنه انتقال وإنما بقبح إلى غير ما يتم به مطلوبه وههنا ليس كذلك بل هو إثبات مقدمة من مقدمات مطلوبه قد منعت وذلك ليس بانتقال مذموم ...)راجع مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد وحساسية التفتازاني ج:3 /ص:486 .
وقول الشيخ (بمنع مبتدا) أي ابتداء قبل التقسيم
قوله
(أو بعد تقسيم فخف إرهابها)
لعل يعني به التقسيم وعنه يقول ابن الحاجب:(التقسيم وهو كون اللفظ مترددا بين أمرين أحدهما ممنوع والمختار وروده مثاله في الصجيح الحاضر وجد السبب بتعذر الماء فساغ التيمم فيقول السبب تعذر الماء أو تعذر الماء في السفر أو المرض الأول مننوع وحاصله منع ياتي ولكنه بعد تقسيم ...) ويقول العضد في شرح هذا الكلام:(أقول هذا السؤال يسمى تقسيما وحقيقته أن يكون اللفظ مترددا بين أمرين أحدهما ممنوع إما مع السكوت عن الآخر لأنه لا يضره أو مع التعرض لتسليمه أو لأنه لا يضره وهذا السؤال يختص بحكم الأصل بل كما يجري فيه يجري في جميع المقدمات التي تقبل المنع وقد منع قوم من قبول هذا السؤال لأن إبطال أحد محتملي كلام المستدل لا يكون إبطالا له إذ لعله غير مراده والمختار قبوله إذ به يتعين مراده وربما لا يمكنه تتميم الدليل به وله مدخل في هدم الدليل والتضييق على المستدل وللقبول شرط وهو أن يكون منعا لما يلزم المستدل بيانه مثاله في الحاضر الصحيح إذا فقد الماء وجد سبب وجود التيمم وهو تعذر الماء فيجوز التيمم فيقول المعارض ما المراد بتعذر الماء شئت أن تعذر الماء مطلقا سبب أو إن تعذر الماء في السفر أو المرض سبب الأول ممنوع وحاصله أنه منع بعد تقسيم فيأتي فيه ما تقدم في صريح المنع من كونه مقبولا وقطعا وكيفية الجواب عنه ...) راجع شرح مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد م،س، ص:345
ولعل الشيخ يعني بقوله: (مبتدا ...) أي ابتداء قبل التقسيم.
وللشيخ نظم في القوادح ضمنه التلمية الثالثه من كتاب الباديه تعرضفيه القوادح وضرورة التنبه الفروق بينها وبين شروط العلة وبين الموانع والشروط فقال :(انظر لكل قادح ياقارح*في أي أركان القياس قادح **ولتفرقن بينها وبينا*شروط علة وإن أبينا*أعني انتفا شروطها كنفيها*في أصلها وفرعها وحكمها*ونفي أشراط القياس جمله*وعد ذاك كله أو حله*و لتفرقن بين ذاك ايضا*وبين مانع لكل فارضا*مثاله (وبطلت بقهقهه)*والمبطلات غيرها مفرقه*بين الموانع كحيض وحدث*وما من الأركان والشرط نكث *تنبيه أعلم أن كل قادح**في الركن للآخر غير مادح*وكل ركن عنه شرطه انتفا*فالركن الآخر إثره اقتفى*ومثل ذاك مانع قد وجدا*في واحد فهو في الآخر بدأ*لكن ذا التحقيق ليس يقنع*إلا بما للاعتراض يدفع....)
قول الشيخ:(وسهام رابعة كثير فاخشها*ولتحصرن في عشرة اضرابها)
لعله يريد بهذا البيت قوادح العلة فالعله هي رابعة المسائل التي عدها في هذه الابيات ويعني بأضرابها أنواعها التي سيتعرض لها في عده للقوادح بقوله :"منع لوصف منعهم علية *عدم التأثر ذائد شرابها)
وقد عدد ابن السبكي هذه الانواع فقال في سياق تعداده للاعتراضات :(الرابع ما يرد على المقدمة الثانيه ونعني بها دعوى أن الحكم معلل بكذا وذلك بمنع وجوده أو بالقدح في الوصف إما منع كونه علة أو بعدم تأثيره أو عدم إفضائه إلى المصلحة أو وجود المعارض أو عدم ظهوره أو عدم انضباطه أو النقض أو الكسر أو عدم العكس....) راجع منع الموانع م،س/ ص:408 --409.
وسننتعرض بحول الله بتعريفات هذه القوادح وبعض أمثلتها عند مجالها في الأبيات التاليه بحول الله
قول الشيخ
(منع لوصف... ) أي منع كون الوصف المدعى علة موجودا في الأصل وفي ذلك يقول ابن الحاجب: في سياق كلامه عن الاعتراضات (منع وجود المدعى علة في الأصل مثل حيوان يغسل من ولوغه سبعا فلا يطهر بالدباغ كالخنزير فيمنع وحوابه بإثباته بدليل من عقل أو حس ءو شرع...)وقد شرح هذا النص العضد فقال:(ومن الاعتراضات منع كون ما يدعى علة لحكم الأصل موجودا في الأصل فضلا عن أن تكون هي العلة مثاله أن يقول في الكلب حيوان يغسل من ولوغه سبعا فلا يقبل جلد الدباغ الخنزير فيقول المعترض لا نسلم أن الخنزير يغسل من ولوغه سبعا.والجواب عن هذا الاعتراض بإثبات وجود الوصف في الأصل بما هو طريق ثبوت مثله ..)
انتهى من مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد مع حاشية التفتازاني م، س، ج:3 /ص:492 .
وراجع بقية الجواب في شرح العضد في المكان المذكور فإن أجوبة العضد مهمة عند الشيخ كما تقدم في هذه العجالة غير ما مرة وآخر ذلك أول مقدمات القياس
(منعهم علية..)
منع كون الوصف علة وعنه يقول ابن الحاجب:(السابع مننع كونه علة وهو من أعظم الاسئلة لعمومه وتشعب مشاكله والمختار قبوله ولا لأ دى إلى اللعب في التمسك بكل طرد قالوا القياس رد فرع إلى أصل بجامع وقد حصل قلنا بجامع يظن صحته قالوا عجز المعارض دليل صحته فلا يسمع المنع قلنا يلزم أن يصحح كل صورة لدليل يعجز المعترض وجوابه بإثباته بأحد مسالكه فيرد على كل منها ما هو شرط فعلى ظاهر الكتاب الاجمال والتاويل والمعارضة والقول بالموجب وعلى السنة ذلك والطعن بأنه مرسل أو موقوف وفي رواية بضعفه أو قول شيخه لم يرو عني وعلى تخريج المناط ...) وقد شرح العضد هذا الكلام فقال:(ومن الاعتراضات منع كون الوصف المدعى عليته علة وذكر المصنف -- يعني ابن الحاجب -- أنه من أعظم الاسئلة الواردة على القياس لعمومه في الاقيسة إذ العلة قلما تكون قطعية والشعب مسالك العلة فتتعدد طرق الانفصال عنها وعلى كل واحد منها أبحاث ستقف عليها فيطول القال والقيل فيه ما لا يطول في غيره ومن استقرأ ذلك علمه مثال أن يقال ...) انتهى من
شرح العضد مع مختصر ابن الحاجب مع حاشية التفتازاني م، س، ج:3 / ص:493. وقد اقتصرنا على بعض خشية أن ( يطول القال...)راجعون
ويرد هنا قول سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم :(ومسلك العلة ما دل على*علية الشيء متى ما حصلا...) ولعل الشيخ يعني بمنعهم أي علماء الاصول علية أي كون الوصف المدعى علة
قول الشيخ(عدم التأثر ذائد شرابها )
يعني به الشيخ قادح عدم التأثير وهو أربعة أقسام ذكرها الشيخ رحمه الله في الأبيات التاليه وقوله (ذائد) أي طارد (شرابها)أي الذين يريدون التعليل ويريدون منه له بالضمير في (شرابها)راجع للعلة ولذلك يدل قول الشيخ المتقدم:(وسهام رابعة كثير...)
(كالنهي في قصر ونفيك رؤية*في وصف أو أصل يريك خرابها*والحكم دار الحرب لم تف قبله*(معصية )مفروضة فتشابها*والفرع وصف فيه ليس بشامل*صور النزاع كغير اجابها)
وأول هذه الاقسام
عدم تاثير الوصف مطلقا ومثاله وإليه أشار مع مثاله بقوله( كالنهي في قصر...) وعنه يقول العضد(وهو ما كان فيه الوصف غير مؤثر)شرح العضد مع حاشية التفتازاني ج:3/ ص:500 وقد مثل له ابن الحاجب ب (صلاة لا تقصر فلا تقدم كالمغرب لأن عدم القصر في نفي التقديم طردي فيرجع إلى سؤال المطالبة ) شرح ابن الحاجب مع شرحه العضد وحاشية التفتازاني م/س/ ج:3 /ص:500 يعني بقوله:(صلاة):(صلاة الصبح )وبقوله المطالبة (المطالبة بكون العلة علة ...) كما بينه العضد راجع شرحه مع حاشية التفتازاني ج:3 /ص:500.
عدم تأثير الوصف في الأصل للاستغناء عنه بوصف آخر وإليه الإشارة بقول الشيخ( أو وصف...)وذكر مثاله في قوله:(ونفيك رؤية...) وعنه يقول ابن الحاجب( عدم التأثير في الأصل مثاله في بيع الغائب مبيع غير مرئي فلا يصح كالطير في الهواء فإن العجز عن التسليم مستقل وحاصله معارضة في الاصل .) عدم تأثير القيد في الحكم أصلا وأشار له بقوله (والحكم دار الحرب )وفيه يقول العضد في سياق الكلام عن عدم التأثير.(الثالث أن يذكر في الوصف المعلل به وصف لا تأثير له في الحكم ويسمى عدم التأثير في الحكم مثاله أن يقول الحنفية في مسألة المرتدين إذا أتلقوا أموالنا مشركون أتلفوا مالا في دار الحرب فلا ضمان عليهم كسائر المشركين فيقول المعترض دار الحرب لا تأثير له عندكم ضرورة -- استواء الاتلاف -- هكذا في الأصل ولعل الأولى الاستواء -- في دار الحرب ودار السلام -- هكذا في الاصل والمعهود دتر الاسلام --- في إيجاب الضمان عندهم ومرجعه إلى مطالبة تأثير كونه في دار الحرب...)شرح مختصر ابن الحاجب للعضد مع حاشية التفتازاني م، س، ج:3 /ص:500 -- 501.ولهذا القسم الذي ذكره العضد هنا ثلاثة أنواع أحدها أن لا تكون لذكر القيد المعلل به هنا فائدة أصلا ومثاله ما تقدم قريبا في مسألة المرتدين الذين أتلفوا مالا في دار الحرب . راجع للتوسع الفوائد السنية للبرماوي م، س/ج:5/ص:2032.
ولعل الشيخ جمع في قوله:(والحكم دار الحرب لم تف قبله*معصية مفروضة فتشابها)اختصارا بين هذا النوع وبين ما لا تاثير للقيد فيه ولكنه له فائدة في القياس وهذا الجمع اختصارا من الشيخ مما افادني به أخي وشيخي العالم محمد بن حبيب الله بن دي حفظه الله
ومثال النوع الأخير الوارد في قول الشيخ:(لم تف قبله*معصية مفروضة...):(كما يقال في اشتراط العدد في الحجر المستنجى به عبادة متعلقة بالاحجار لم يتقدمها '- هكدا في الأصل ولعل الأولى: لم تقدمها --- معصية فاعتبر فيها العدد كرمي الجمار فقيد (لم يتقدمها معصية) -- يجري فيه ما تقدم -- لكن لذكره فائدة آذ لو حذفه لانتقضت علته بالرجم ....) المصدر السابق نفسه والجزء والصفحة وقول الشيخ(لم تف قبله معصية*مفروضة...)( ولم يف)أي لم يرجع وقدر تخفيف الهمزة قبل دخول الجازم بإبدالها مدة مجانسة لكسرة الفاء التي قبلها لقول الامام المختار بن بونه في توضيحه للباليه:(والهمز إن افردته فحققا*او خففته بالذي قد سبقا...)ثم جزمت يفي بلم فحذفت الياء المبدلة التي أصلها الهمزة كما سبق. ءو نقول إن:( لم يف)هنا بمعنى لم يكثر راجع لهذا المعنى الاخير خزانة الأدب البغدادي بتحقيق عبد السلام هارون/نشر مكتبة الخارجي بالقاهره ط 1418 هجريه ج:5/ص:384.
وانما لم نقدر هنا يفي بمعنى يجي لأن معاجم اللغة لا تسعف بذلك كما كان عبد ربه هذا نقله عن شيخه لمرابط محمد سالم ابن عبد الودود(عدود)فيما جمعه من أماليه النحوية وطبع تحت عنوان (تفاحة جنية...)من أمالي شيخنا لمرابط محمد سالم ...النحو به ط دار المنار رجب:1435 هجريه ص:88.
وقول الشيخ هنا:(لم تف قبله معصية) لا يشذ عن اغراباته ونكته ولعله يعني أن ذكر المعصية هنا لازم إذ لولاه لا اتقضت العلة كما رأينا والله تعلى أعلم
قول الشيخ:(والفرع وصف فيه ليس بشامل*صور النزاع مغير كفء اجابها) ذكر الشيخ رحمه الله في هذا البيت ومثل للقسم الرابع من قادح عدم التأثير وهو الذي يكون فيه (الوصف المذكور لا يطرد في جميع صور النزاع وإن كان مناسبا)
وعنه يقول ابن الحاجب في سياق عده لهذه الاقسام:(القسم الرابع عدم التأثير في الفرع مثاله زوجت نفسها فلا يصح كما لو زوجت من غير كفء ...)
ويقول العضد عن هذا القسم شارحا كلام ابن الحاجب المتقدم (ويسمى عدم التأثير في الفرع مثاله أن يقال في تزويج المرأة نفسها زوجت نفسها بغير إذن وليها فلا يصح كما زوجت -- هكذا في الأصل ولعل الأولى كما لو زوجت .-- من غير كفء فيقول المعترض كونه غير كفء لاأثر له فإن النزاع واقع فيما زوجت من كفء -- هكذا في الأصل ولعل الأولى فيمن زوجت -- ومن غير كفء وحكمهما سواء فلا أثر له ومرجعه إلى المعارضة بوصف آخر وهو تزويج فقط ...)راجع شرح العضد لمختصر ابن الحاجب مع حاشية التفتازاني م/س/ج:3ص501 . أ(اجابها) بنقل حركة همزة أجابها إلى التنوين قبلها
وبهذا تنتهي هذه الحلقة من رشف الرضاب من ذات الميزاب


الدكتور عبد الرحمن بن حمدي ابن ابن عمر





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صلات الباركيين بغيرهم من تاشمش / الدكتور عبد الرحمن حمدي ابن عمر

ارتباط اسمي الجد ابن عمر بن محمود والخال محمد الامين بن أحمد خرشي بتجديد رسم كنابين جليلين من كتب الشمائل والسير

مقابر الشمال