من تكرار مراقي السعود ÷÷ الحلقة الستون __

 




على قول العلامة سيدي عبد الله فيه
نسخ الوحوب
كالنسخ للوجوب عند القاضي
وجلنا بذا غير راض
بل هو في القوي رفع الحرج
وللإباحة لدى بعض يجي
وقيل للندب كما في مبطل
اوجب الانتقال للتنفل
مفهوم نسخ الوجوب
بين هذه القاعدة تناسب مع مسألة ورود الأمر بعد الحظر وفي ذلك يقول الطاهربن عاشور: "الاستدلال على هاته المسألة نظير الاستدلال على ورود الأمر بعد الحظر، فإن الواجب لما يتضمنه من المصلحة لا ينسخ إلى حرمة. وبعض أصحابنا منهم القاضي: عبد الوهاب... منعوا ذلك: أي لم يسلموا تعيين الجواز، وسند منعهم: أن نسخ الوجوب هو: رفعه، وذلك صادق بالحرمة" .انتهى من حاشية التوضيح والتصحيح للعلامة الطاهر بن عاشور
صورة نسخ الوجوب:
أحسن تصوير لهذه القاعدة ـ حسب علمي ما وصفها به صاحب كتاب تحرير محل النزاع فاديغا موسى بأنها هي: "أن يامر الشارع بشيء، ثم يقول نسخت وجوب الفعل، أو يقول رفعت الحرج في الفعل عنكم دون أن يتعرض لحكم المنسوخ بعد نسخه، فماذا يكون حكم المنسوخ في هذه الحالة؟ هل هو الجواز المطلق الذي يشمل الإباحة والندب، والكراهة؟ أو هو الجواز المقيد بالإباحة أو الندب، أو لا يبقى الجواز، بل يرتفع مع ارتفاع الوجوب، فيرجع الحكم إلى ماكان عليه قبل الوجوب ."
وبالجملة قد اختلف المالكية في هذه القاعدة إلى خمسة مذاهب:
المذهب الأول: أنه إذا نسخ الوجوب دل ذلك على الجواز أي القدر المشترك بين الإباحة والندب والكرهة، وقد حكى ابن حلولو هذا القول عن المتأخرين من المالكية . وإلى هذا ذهب الباجي في الإشارة، فإليه الإشارة بقوله فيها ط دتر البشائر ص:172. "إذا نسخ وجوب الأمر جاز أن يحتج به على الجواز" . وراجع لنقل حلولو لهذا القول عن المتأخرين من المالكية التوضيح في شرح التنقيح تقديم وتحقيق: حمزة السنوسي حسن الطاهر جامعة القرويين، كلية الشريعة، أيت ملول، أكادير مسلك المذهب المالكي تراثه وأصوله وآفاق الاجتهاد فيه، 1428- 1429ه .2008 2009 م. من أول الكتاب إلى آخر الفصل الرابع من باب الامر، ص:264.
وأما ما ذكره محقق لباب الأصول لابن رشيق من وهم القرافي فيما نسبه للباجي من كون نسخ الوجوب يدل على الجواز حيث قال القرافي: "مذهب الباجي وجماعة من أصحابنا أنه إذا نسخ يحتج به على الجواز" . هو نفسه وهم أيضا نتج عن عدم فهم اصطلاح القرافي في تنقيحه الذي ذكر في مقدمته اعتماده على الإشارات للباجي لا على إحكام الفصول فقد قال القرافي شارحا منهجه في مقدمة التنقيح:
"واعتمدت في هذه المقدمة على أخذ جملة كتاب الإفادة للقاضي عبد الوهاب... وجملة الإ شارة للباجي" . راجع تنقيح الفصول مطبوع في مقدمة الذخيرة تحقيق محمد حجي، ط دار الغرب الإسلامي م، س، ج: 1، ص: 55. وقد حذفت هذه الجمل من ط تونس: 1341 ه. مع شرح القرافي والتي هي بهامش حاشية التوضيح والتصحيح للعلامة الطاهر بن عاشور وراجع لكلام الباجي الذي نقله القرافي ج: 1، ص: 3.الإشارة ط دار البشائر. ص:172. وقد حذفت هذه الجملة من ط مكتبة نزار مصطفى الباز التي اعتمدت في هذا البحث.
وما ذكره القرافي في الإشارة للباجي كما رأينا. والله تعالى أعلم.
وهذا المذهب هو المنقول أيضا عن بعض المالكية، ولم يعينه القرافي حين عبر عنه ب"جماعة من اصحابنا ."
وهو الذي اشار إليه سيدي عبد الله بقوله
(وللاباحة لدى بعض يجي...)
وعدم تعيينه في قوله (بعض) تبع فيه القرافي في شرح التنقيح كما اقدم في تعبيره قريبا ومنهم الباجي كما نقل آنفا
المذهب الثاني: أن الوجوب إذا نسخ دل ذلك على الندب بمعنى الطلب غير الجازم قال الزركشي عن هذا المذهب "حكاه الطرطوشي في المعتمد قال: "وعليه يدل مذهب مالك..." .
وإلى هذا المذهب اشار سيدي عبد الله يقوله
(وقيل للندب ...)
وهذا المذهب ذكره بعض شروح المراقي كحلي التراقي وتسهيل الصعود لشيخنا العلامة اباه بن عبد الله
المذهب الثالث:
أن الوجوب إذا نسخ بقي الجواز الصادق بالكراهة، ولهذا يرشد استدلال مالك حين سئل عن تعزية المسلم في موت أبيه الكافر، وقوله: "لا يعجبني أن يعزى به لقول الله تعالى: " ما لكم من وليتهم من شيء ." فقول مالك هنا: "لا يعجبني" أقل أحواله الكراهة. وأما تعليق ابن رشد على هذا الاستدلال بقوله: "والآية التي احتج بها مالك لما ذهب إليه من ترك التعزية بالكافر ، منسوخة؛ قال عكرمة: أقام الناس برهة، لا يرث المهاجر في الأعرابي، ولا الأعرابي المهاجر؛ لقوله تعالى: "والذين آمنوا ولم يهاجروا "- الآية، حتى نزلت "وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض" . فاحتج بالمنسوخ، كما احتج لما اختار من الإطعام في كفارة الفطر في رمضان بقوله تعالى: "وعلى الذين يطيقونه " - الآية، وهي منسوخة؛ وذلك إنما يجوز على القول بأن الأمر إذا نسخ وجوبه، جاز أن يحتج به على الجواز."
فلعل المراد به ما ذكر من الجواز الصادق بالكراهة. لقول مالك المتقدم آنفا:"لا يعجبني."أقل أحواله الكراهة ـــ والله تعالى أعلم.
قلت ولا قولي ولما ار من كتب الاصول من نقل هذا القول عن إمامنا مالك ولا للحافظ ابن رشد
المذهب الرابع:
أن الوجوب إذا رفع لم يبق حكم شرعي، وإنما نستصحب ما كان عليه الأمر قبل الحكم ونسخه . وفي ذلك يقول الباقلاني
(زعم قوم ان الامر الواجب إذا نسخ وجوبه بقي جواز فعله بحق الامر به لان في ضمن الامر به __ زعموا __ جواز فعله لزيادة الوجوب على الجواز فإذا رفع الوحوب بقي الجواز بالامر
والذي نختاره ان الامر الواجب إنما يقتضي وجوب الفعل ..).ثم يقول الباقلاتي بعد تقريره ان معنى الجواز مناقض لمعتى الوجوب ) متسائلا (كيف يكون احدهما __ يعني الوجوب والجواز __ من مقتضى الآخر ثم يخلص أنه (يجب إذاكان ذلك كذلك ان يكون نسخ الواجب رفعا لجميع موجبه وأن يعود الشيء بعد رفع وجوبه إلى ما كان عليه في العقل قبل وجوبه من جواز وقوعه بحكم العقل....)
التقريب والإرشاد م، س، ج: 2، ص: 253.
وإلى هذا المذهب اشار سيدي عبد الله في البيت الاول من هذه الابيات بقوله مشبها هذه المسألة بمسالة ورود النهي بعد الوجوب التي ذكر من اقوالها
إبقاء الامر على ما كان عليه قبل النهي:
(وقيل للإبقا على ما كانا...):
(كالنسخ للوجوب عند القاضي)
قال في النشر (والمراد بالقاضي هنا عبد الوهاب كما رأيت لكن متى اطلق عند اهل الاصول فالمراد به القاضي ابو بكر الباقلاني ...) قلت لو اريد الباقلاني لم تكن هناك مشكلة كبيرة فقد قال القاضي الباقلاني بهذا القول وقد تقدم نص كلامه في التقريب قريبا وقد ذكر سيدي عبد الله نفسه وكما اوردناه سابقا أن المصطلح اهل الاصول يرشد إلى ذلك والكلام في فن الاصول
والله تعالى اعلم
"وهذه المذاهب الأربعة كلها تثبت بأن الوجوب إذا نسخ بقي الجواز، لكنها تختلف بعد الاتفاق على هذا القدر، فمنهم من اطلق ومنهم من قيد" . تحرير محل النزاع، ج:1، ص: 338.
المذهب الخامس:
أن نسخ الوجوب لا يدل على الجواز، وقد نقل عن بعض المالكية كما أشار إليه الباجي بقوله: "وقال بعض أصحابنا: لا يجوز ذلك .) الإشارة ط دار البشائر. ص: 172. وقد حذفت هذه الجملة من ط مكتبة نزار مصطفى الباز التي اعتمدت في هذا البحث.
لهذه القاعدة تطبيقات فقهية عزيزة منها:
مسألة تعزية المسلم في أبيه الكافر:
لقد جاء في العتبية أن مالكا سئل: "عن الرجل المسلم يهلك أبوه وهو كافر، أفترى أن يعزيه به فيقول: آجرك الله في أبيك؟ قال لا يعجبني أن يعزيه به، لقول الله تعالى في كتابه العزيز {ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا}، فلم يكن لهم أن يرثوهم وقد أسلموا حتى يهاجروا، ومنعم الله الميراث - وقد أسلموا حتى يهاجروا .قال محمد بن رشد ما ذهب إليه مالك في هذه الرواية من أن المسلم لا يعزي بأبيه الكافر، ليس ببين؛ لأن التعزية بالميت تجمع ثلاثة أشياء: أحدها تهوين المصيبة على المعزى... والثاني الدعاء له بأن يعوضه الله من مصابه جزيل الثواب، ... والثالث الدعاء للميت والترحم عليه، والاستغفار له... وقد روي عن مالك - رحمه الله - أن للرجل أن يعزي جاره الكافر بموت أبيه الكافر، لذمام الجوار... وقال سحنون إنه يقول له: أخلف الله لك المصيبة، وجزاك أفضل ما جازى به أحداً من أهل دينه. فالمسلم بالتعزية أولى، وهو بذلك أحق وأحرى. والآية التي احتج بها مالك لما ذهب إليه من ترك التعزية بالكافر منسوخة؛ قال عكرمة: أقام الناس برهة لا يرث المهاجر في الأعرابي، ولا الأعرابي المهاجر؛ لقوله تعالى: {والذين آمنوا ولم يهاجروا} - الآية، حتى نزلت {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض}. فاحتج بالمنسوخ كما احتج لما اختار من الإطعام في كفارة الفطر في رمضان بقوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه} - الآية، وهي منسوخة؛ وذلك إنما يجوز على القول بأن الأمر إذا نسخ وجوبه جاز أن يحتج به على الجواز؛ وفي ذلك بين أهل العلم اختلاف... . "ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهجروا".
وهذه الاقوال والمباحث ملخصة من كتابي المطبوع الاختلافات الاصولية النقلية وأثرها في الفروع عند المالكيه
وصفوة القول إن تحقيق هذه الاقوال عن ساداتنا المالكية الذي ذكر العلامة سيدي عبد الله ان الغرض عنده فيه بيان أصول إمامهم وإمامنا مالك غير المذهب الثاني والرابع مع رفع ما في هذه المكتوب سند ذلك القول إلى اعلى مما نقله عنه الناظم نفسه العلامة سيدي عبد الله حيث اقتصر على نقله عن القاضي عبد الوهاب مع وجوده في التقريب والارشاد للقاضي الباقلاني وذلك الرفع موافق لما نقله سيدي عبد الله في النشر في كلامه على هذه القاعدة من مصطلح اهل الاصول وإيراد تطبيق لهذه القاعدة من بعض اعز كتب المذهب الا وهو الييان والتحصيل للحافظ ابن رشد الجد مما لم اره فيما بين يدي من شروح المراقي وليس كثيرا



الدكتورعبد الرحمن بن حمدي ابن ابن عمر





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صلات الباركيين بغيرهم من تاشمش / الدكتور عبد الرحمن حمدي ابن عمر

ارتباط اسمي الجد ابن عمر بن محمود والخال محمد الامين بن أحمد خرشي بتجديد رسم كنابين جليلين من كتب الشمائل والسير

مقابر الشمال