من تكرار مراقي السعود __ الحلقة الثالثة بعد الستين __

 




على قول العلامة سيدي عبد الله
(وما وجود واجب قد أطلقا
به وجوب به تحققا
لقد قسم الباقلاني هذا المبحث إلى قسمين ما يرجع إلى كسب المكلف، وما ليس له فيه كسب فقال في التقريب والارشاد :" إن الشيء الذي لا يتم فعل المأمور إلا بحصوله على قسمين:
أحدهما من فعل المكلف المأمور، والآخر من فعل الله تعالى، وليس من مقدورات العباد. "
وقد اوضح العلامة الطاهر بن عاشور صلة هذه القاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب بفتح الذرائع إلى الواجب وأنها هي نفسها فتح الذرائع إلى الةجب حين قال بعد ذكره لما نبه عليه القرافي في تنقيح الفصول ونقله اخونا محمد بن دي في شرح قول سيدي عبد الله في هذا النظم
سد الذرائع إلى المحرم
حتم كفتحها إلى المنحتم
من ان الشريعة كما سدت ذرائع فتحت اخرى يقول العلامة ابن عاشور (فأما وقد درجنا على اصطلاحهم في سد الذرائع على انه لقب خاص بذرائع الفساد فلا يفوتنا التنبيه على أن الشريعة قد عمدت إلى ذرائع المصالح ففتحتها بأن جعلت لها حكم الوجوب وإن كانت صورتها مقتضية المنع او الإباحة وهذه المسألة هي الملقبة في اصول الفقه بأن ما لا يتم به الواجب إلا به فهو واجب وهي الملقبة في الفقه بالإحتياط...)
مقاصد الشريعة ط دار النفائس تحقيق الدكتور طاهر الميساوي ص; 369 __ 370.
وكما نقدم فسيرد فتح الذرائع إلى الواجب في قول العلامة سيدي عبد الله في هذا النظم
سد الذرائع إلى المحرم
حتم كفتحها إلى المنحتم والله تعالى أعلم
وبالجملة فقد اختلف المالكية في هذه القاعدة الأصولية إلى أقوال نذكر منها هنا على مذهبين هما:
المذهب الأول: أن الواجب المطلق واجب مطلقا ، وعليه أكثر المالكية، وفي ذلك يقول ابن رشيق عن ما لا يتم الواجب إلا به: "اختلفوا فيه فذهب جماهير الأصحاب إلى أن ذلك لا بد من القول بإيجابه .) لباب المحصول ج:1/ ص:222. وقد وصف المقري في قواعده هذا المذهب بأنه: "منصور غير مشهور.
المذهب الثاني:
التفصيل بين الشرط الشرعي وغيره، وهو أن الوسيلة إن كانت شرطا شرعيا، كانت واجبة، وإلا فلا تجب، يعني أن الخطاب الذي دل على إيجاب المأمور به هو الذي دل على إيجاب ما يتوقف عليه، إذا كان شرطا شرعيا، ولا يدل على إيجاب غيره من السبب مطلقا، أو الشرط العقلي، أو العادي." ،راجع قواعد المقري ج:2/ص:578. وكتاب تحرير محل النزاع لفاديغا موسى ج:1/ص:521. وممن نسب إليه هذا المذهب من المالكية ابن الحاجب، وهذا ما لاحظه صاحب تحرير محل النزاع، حيث قال: إن " ابن السبكي رد في رفع الحاجب على من ادعى على ابن الحاجب أنه يفصل بين الشرط الشرعي والسبب مطلقا، فيوجب الأول دون الثاني، مبينا أن هذا لا يقوله أحد؛ وعلل ذلك بأن السبب أولى بالوجوب "وذلك لأن كونه غير واجب مستحيل؛ لأنه يلزم من ذلك كون السبب الذي يتوقف عليه الواجب؛ وهو بمقدور المكلف جائزا، وهو لا شك مامور به، والمامور به خارج قطعا عن بحبوحة الجواز." راجع رفع الحاحب عن مختصر لبن الحاحب ج:1/ص:323.. وعبارة السبكي تعليقا على قول ابن الحاجب:" ما لا يتم الواجب إلا به، وكان مقدورا شرطا، واجب، والاكثر: وغير شرط... وقيل: إن كان سببا لتحصيل الواجب كان واجبا، وإن كان شرطا فلا ": وربما أوهم إطلاق المصنف أن السبب لا يجب تحصيله، بخلاف الشرط، وهذا لا يقوله أحد، فإن السبب أولى بالوجوب. وإنما مراده أنه يجب الشرط الشرعي دون ما عداه الشروط __ هكذا في الاصل ولعل الاولى من الشروط __ . العقلية والعادية ... وإنما أطلق في الكتاب قوله: شرطا، ولم يقيد بالشرعي، لأنه لا يسمى العقلية والعادية شروطا ... ومحاولة بعض الشارحين أن المصنف يختار وجوب الشرط دون السبب إيقاع للمصنف في خرق الإجماع الذي سينقله هو من بعد، وإلزام له بما لا ينتهض به توجيه. "المصدر نفسه ج:1/ الصفحات ما بين 528 و 531. وقد رد المحلي في شرح جمع الجوامع على ابن السبكي تفسيره لمراد ابن الحاجب قائلا: "إن ابن الحاجب أفصح في مختصره الكبير بعدم وجوب السبب.) انتهى من تحرير محل النزاع في مسائل الحكم الشرعي للعالم المحقق فاديغا موسى ج:1ص:323.. "والملحوظ أن صاحب تحرير محل النزاع كأنه اعتبر هذا هو نص المحلي، وإن كان ذلك لا يخلو من نظر فإن نص كلام المحلي حين ذكر كون الشارع لا يقصد السبب بالطلب فلا يجب إذا، قال مشبها على ذلك "كما أفصح به ابن الحاجب في مختصره الكبير مختارا لقول الإمام. " راجع شرح المحلي لجمع الجوانع مع حلشية البناني وتقريرات الشربيني ج:1/ص:195.وهذا مخالف لذلك التفسير، ومبطل لما ادعاه ابن السبكي من أن عدم وجوب السبب لم يقل به أحد، كما مر ذلك آنفا، وبين أن القول بأن السبب أولى بالوجوب من الشرطي الشرعي غير مسلم، بل هما سواء، فإن السبب ينقسم كالشرط إلى شرعي وعقلي وعادي، فلا مزية لأحدهما على الآخر لكن كلام الأسنوي في نهايته يعضد كلام السبكي في شرح مقصد ابن الحاجب راجع نهاية السول مع حاشية سلم الوصول للشيخ . محمد بخيت المطيعي ط عالم الكتب ج:1/ ص:200__ 201.وتحرير محل النزاع م /س /ج1/ ص:323.
لقد لاحظ صاحب تحرير محل النزاع المصتف الدكتور استنادا لهذه النقول ما في مذهب ابن الحاجب من الأخذ والرد في فهم مقصده ...) راجع كتاب تحرير محل النزاع ج:1/ ص: 323 __ 324.
وهذا التأصيل برفع السند ونقل كلام الباقلاني المذكور اعلاه في هذا المبحث وجلب التحقيق في قول فحل من فحول المذهب جمعه باحتصاره واضاء بعلمه حالك اقطاره ذلك هو ابن الحاجب
و وقد رايتم الاضطراب في النقل عنه في السبب الشرعي في هذا المكتوب مع الافادة ببعض أقوال ساداتتا المالكية والرجوع لكتاب لباب المحصول لابن رشيق والنقل عنه وعن غيره في ذلك وجلب الصلة بين هذه القاعدة مع فتح الذرائع إلى الواجب التي ستاتي في قول سيدي عبد الله
(...كفتحها إلى المنحتم) ونقل ما يدل على ان تلك القاعدة هي نفسها هذه القاعدة التي بين ايدينا ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب والله تعالى اعلم
كل ذلك مما لم أره فيما بين يدي من شروح المراقي وليس كثيرا



الدكتور عبد الرحمن بن حمدي ابن ابن عمر





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صلات الباركيين بغيرهم من تاشمش / الدكتور عبد الرحمن حمدي ابن عمر

ارتباط اسمي الجد ابن عمر بن محمود والخال محمد الامين بن أحمد خرشي بتجديد رسم كنابين جليلين من كتب الشمائل والسير

مقابر الشمال