من تكرار مراقي السعود __ الحلقة السابعة بعد الستين __

 




على قول العلامة سيدي عبد الله
وافعل لدى الأكثر للوحوب
وقيل للندب او المطلوب
وقيل للوجوب أمر الرب
وأمر من أرسله للندب
عبر ابن بشير عن هذه القاعدة بقوله:" بين الأصوليين خلاف في أمره كما تقدم.هل يحمل أمره صلى الله عليه وسلم على الوجوب أو على الندب
يجدر التحدث في بداية هذا المبحث عن أن المالكية اختلفوا في الأمر هل له صيغة، يستفاد منها دون اللجوء إلى ما يفيده السياق، أم أن الصيغة لا تفيد شيئا من ذلك، وإنما ينظر إلى القرائن المحتفة بذلك الكلام، وقد فصل هذا الإجمال الباجي حيث يقول:"الأمر له صيغة تختص به هذا قول عامة أصحابنا... وقال القاضي أبو بكر: "ليس للأمر صيغة. حكام الفصول م، س، ص:190
على ذكر هذا الخلاف يمكننا الوصول إلى خلاف آخر يعتبر من ثمراته، ألا وهو اختلاف المالكية أيضا في الأمر المطلق الخالي من القرائن، هل يحمل على الوجوب أم لا؟ إلى أربعة مذاهب.
المذهب الأول:
أن الأمر يدل على الوجوب، ولا يصرف عنه إلا بقرينة، تقتضي ذلك، وينطلق هذا المذهب مما أسنده ابن القصار إلى مالك، من كون الأوامر ممن تلزم طاعته عند الإمام مالك، على الوجوب، فقد احتج حيث سئل عن تتميم ما يدخل فيه من القرب، بقوله عز وجل "وأتمواالحج والعمرة لله " وبقوله تعالى: "ثم أتموا الصيام إلى الليل " ، فقد عزى الباجي هذا القول إلى القاضي عبد الوهاب، وأبي تمام، وإلى بقية شيوخ المذهب ما عدى الباقلاني، معبرا عنهم ب "أصحابنا"، أن الأمر يدل على الوجوب ولا يصرف عنه إلا بقرينة تقتضي ذلك، وهو المشهور عن أبي بكر الأبهري . حكام الفصول:187. وممن "صرح به القاضي إسماعيل، وابن بكير وبكر بن العلاء، وابن القصار وابن خويزمنداد، وأبو جعفر الأبهري . " إيضاح المحصول للمازري ص202.وأضافه ابن رشد إلى المذهب فقال:" وأضافه ابن رشد إلى المذهب فقال:
"من مذهب مالك رحمه الله، أن الأوامر محمولة على الوجوب؛لأنه الأظهر من محتملاتها، إلا أن يدل الدليل على أن المراد غير الوجوب نقلاعن الأدلة النقلية ج:1ص: 407، وعزاه للمقدمات الممهدات ج:2ص:286 287 و إلى عبارته نظر الوالد العلامة للشيخ محمد المامي في قوله في الميزابية:
والامر ظاهره الوجوب أو اندبن
لحقيقة أيضا تعين صحابها.
وتبعه الرهوني وفي ذلك يقول: " والجمهور وهو مذهب مالك، أن صيغة الأمر، حقيقة في الوجوب إذا عريت عن القرائن واستعمالها في غيره بطريقة المجاز ." تحفة المسؤول ج:3ص:17.
وهذا المذهب هو الذي اختاره ابن العربي، حيث قال: " والمختار أن الأعلى إذا قال للأدنى افعل فالمفهوم منه طلب جازم لا مثنوية فيه ولا تردد." . المحصول مس ص:55..و إلى ذلك أشار سيدي عبد الله بقوله:" وافعل لدى الأكثر للوحوب...."
المذهب الثاني:التوقف في صيغة الأمر وهو قول الباقلاني والأقصري، وقد رأيا أن الأمر كما هو حقيقة في الوجوب، هو أيضا حقيقة في الندب، وفي ذلك يقول الباقلاني: "فلا يجب حمله على إحدى حقيقتيه إلا بقرينة." التقريب والإرشادج:2ص:34، تحفة المسؤول ج3، ص 17،
وشرح توقفه هذا وبين أن مستنده في ذلك هو اللغة، وأنه لا يعرف عن العرب تحديد لصيغة الأمر، هل هي للطلب الجازم الوجوب أو للندب، بل هي عندهم لمجرد الطلب فقال:" لسنا نعني بالوقف، وقولنا إنه مشترك إن أهل اللغة قالوا إنه موقوف، فيجب أن ينقل ذلك عنهم، وإنما نعني بالوقف أن الأمر يكون واجبا، ويكون ندبا وأن أهل اللغة لم يوقفونا على أنه موضوع لأحدهما " ، التقريب والإرشادج:2ص:3536 "وقول الباقلاني هذا متناسق مع مبدئه في الأمر سواء من حيث دلالته على الفور أو التراخي أو المرة أو التكرار، فقد توقف الباقلاني في كل ذلك . المصدر نفسه والمكان.
المذهب الثاني: أن الأمر المجرد يحمل على الندب، وهذا مذهب بعض شيوخ العراق، وهو مذهب أبي الحسن بن المنتاب، "وإليه ذهب أبو الفرج" ، إحكام الفصول م س ص:198، وإيضاح المحصول م س ص:202 ونقله المازري عن الشيخ أبي بكر الأبهري . المصدر نفسه والمكان. و إلى ذلك أشار سيدي عبد الله بقوله:"وقيل للندب..."
المذهب اثالث :التوقف في صيغة الأمر وهو قول الباقلاني والأقصري، وقد رأيا أن الأمر كما هو حقيقة في الوجوب، هو أيضا حقيقة في الندب، وفي ذلك يقول الباقلاني: "فلا يجب حمله على إحدى حقيقتيه إلا بقرينة." التقريب والإرشادج:2ص:34، تحفة المسؤول ج3، ص 17،
وشرح توقفه هذا وبين أن مستنده في ذلك هو اللغة، وأنه لا يعرف عن العرب تحديد لصيغة الأمر، هل هي للطلب الجازم الوجوب أو للندب، بل هي عندهم لمجرد الطلب فقال:" لسنا نعني بالوقف، وقولنا إنه مشترك إن أهل اللغة قالوا إنه موقوف، فيجب أن ينقل ذلك عنهم، وإنما نعني بالوقف أن الأمر يكون واجبا، ويكون ندبا وأن أهل اللغة لم يوقفونا على أنه موضوع لأحدهما " ، التقريب والإرشادج:2ص:35 ــــ 36 "وقول الباقلاني هذا متناسق مع مبدئه في الأمر سواء من حيث دلالته على الفور أو التراخي أو المرة أو التكرار، فقد توقف الباقلاني في كل ذلك . المصدر نفسه والمكان. ولعل سيدي عب الله أشار إلى ذلك بقوله:" أو المطلوب..."
المذهب الرايع:التفصيل بين أوامر الله عز وجل، فتحمل على الوجوب، وبين أوامر النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ــ فتحمل على الندب، "إلا أن يكون بيانا لمجمل أو ما في معناه ، المصدر نفسه ص:202.
وقد حكاه القاضي عبد الوهاب عن الشيخ أبي بكر الأبهري ، إحكام الفصول م س ص:198. و إلى ذلك أشار سيدي عبد الله بقوله
وقيل للوجوب أمر الرب
وأمر من أرسله للندب
من أدلة المذهب الأول:
يعتمدهذا القول على العقل والنقل واللغة وذلك ما أشار له سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم:
"ومفهم الوجوب يدرى الشرع
أو الحجا أو المفيد الوضع "
فمن الشرع قوله تعالى: "فليحذرالذين يخالفون عن امره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم" ، حيث توعد تعالى بالعذاب الاليم على مخالفة أمره، وذلك دليل واضح على وجوب أمره . إحكام الفصول بتصرف يسير ص:195.
قصة إبليس حيث قال له تعالى: "مالك أن لا تسجد إذ أمرتك"، فلو لم يكن للوجوب، لقال إبليس: "لم يجب علي السجود" . المصدر نفسه مع تكملته ص:178.
أن تارك المأمور عاص وفاعله مطيع، بدليل قوله تعالى: " أفعصيت أمري" ، وقوله: " لا يعصون الله ما أمرهم".
مفتاح الوصول، م، س، ص:36 .
مناقشة هذا استدلال:
قد تكون هنالك قرائن تدل على الوجوب في هذه الآيات، والصارف إلى الوجوب في قصة إبليس، أن الملائكة أمروا بالسجود لآدم الذي علمهم السجود لدليل هو فضل العلم على المتعلم . إحكام الفصول بتصرف يسير ص:195 .
والمحصول لابن العربي، ص 54
وقد وردت هذه العبارة في المرجع الأخير بلفظ: "فضل العلم على المتعلم"، ولعلها فضل العالم.
قوله صلى الله عليه وسلم: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء وهذا يدل على وجوب الأمر وإلا لم يشق ذلك عليهم مع جواز تركه" . إحكام الفصول ص:196
الاستدلال بالعقل:
وقد احتج من قال إن دليله العقل ب"أن الأمر يتعين أن يكون للوجوب، وإلا صار تخييرا، وتوضيح ذلك أننا لو لم تكن افعل كذا تفيد الوجوب لكان معناها افعل إن شئت . ثر الورود مع تكملته م، س، ص:178.
اللغة:
أما الاحتجاج له باللغة فمنه أن العرب تسمي مخالف الأمر عاصيا، والعاصي مخالفا، ومن ذلك قول دريد بن الصمة:
" أمرتهم أمرى بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
فلما عصونى كنت منهم وقد أرى ... غوايتهم، وأننى غير مهتد" إيضاح المحصول ص:221.
وأنهم يحكمون على عبد مخالف لأمر سيده باستحقاق العقاب . نثر الورود مع تكملته ص:178.
مناقشة هذا الاستدلال:
ورد بأن حكم أهل اللغة المذكور مأخوذ من قول الشرع على العبد طاعة سيده. المصدر نفسه والمكان.
من أدلة المذهب الثاني:
استدل الباقلاني إلى ما ذهب إليه من التوقف باللغة وتحديدا التعريف اللغوي للأمر، فهو كما مر معنا نقيض النهي، وضده سان العرب مادة أمر.
مناقشة هذا الاستدلال:
إن هذا الدليل ينقلنا إلى مبحث آخر، وهو هل نقل الشارع دلالات اللغة عما كانت عليه قبل بعثته صلى الله عليه وسلم.
وهي مسألة اختلف فيها المتكلمون، وتتخرج عليها مسائل من مذهب مالك، وقد فصل فيها الإمام المازري، ورأى أن بعض العلماء غلى فيها، فقال: " إن الشارع نقل الأسماء عن مسمياتها"، وبعضهم يقول: " لم يغير في الأسماء"، وكلا هذين جانف الصواب، ورأى أن الشارع لم يغير الأسماء عن مسمياتها حقيقة، وإنما أطلق كلها على بعضها وذلك أسلوب عربي رصين . رح التلقين ج:1ص:354- 355، وإيضاح المحصول ص:154-155، بتصرف يسير .
لعل قول الباقلاني هو الأقوى من جهة الاستدلال اللغوي .
وصفوة القول ان من زيادات هذه العجالة
حكاية ابن القصار عن إمامنا مالك من كون الاوامر ممن تلزم طاعته عنده على الوجوب
ورفع سند الاضطراب المنقول عن الابهري
وتعيين من قال بالندب والاستقاضة فيه وإصافة القول بالتوقف
ونقل اختيار ابن العربي وعزو بعض الاقوال من غير هذا لجمع من اساطين المذهب كالقاضي إسماعيل
كل ذلك مما لم اره فيما بين يدي من شروح المراقي وليس كثيرا
وهو مقتطف من كتابي الاختلافات الاصولية النقلية واثرها في الفروع عند المالكيه



الدكتور عبد الرحمن بن حمدي ابن ابن عمر





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صلات الباركيين بغيرهم من تاشمش / الدكتور عبد الرحمن حمدي ابن عمر

ارتباط اسمي الجد ابن عمر بن محمود والخال محمد الامين بن أحمد خرشي بتجديد رسم كنابين جليلين من كتب الشمائل والسير

مقابر الشمال