من تكرار مراقي السعود __ الحلقة الرابعة والستون

 





على قول سيدي عبد الله
وجوز الأكثر عند الجل
ومالك أوجب للأقل
ومنع لأكثر من نص العدد
والعقد منه عند بعض انفقد
جواز الاستثناء الأكثر
هو لون من ألوان توسع الأصوليين في أسرار اللغة ـــولما كان الاستثناء استدراكا للمتكلم على نفسه فيما أطلقه من الصيغة العامة، أو لما عجل بإدخاله لسهو أو تقليل بتنزيله منزلة ما يلهى عنه ويغفل كان من لوازم المستثنى أن يكون مما شأنه أن يغفل عنه، فلا يكون كل المستثنى لما في ذلك من العبث إلا في مقام التلميح والتهكم ولكل هذا كان في استثناء الاكثر خروج عن الأصل، فبان إذا أن الاختلاف في مدى التخصيص، والغاية التي ينتهي إليها منشؤه لغوي، ذلك أن استثناء الأكثر من الأقل يبطله؛ لذلك أكثر الأصوليون فيه من النقل عن أهل اللغة، حتى جعلوا خلاف بعض من خالف فيه، إنما هو في اللغة فقط، بل حكى ابن الحاجب اتفاق الامصار على جواز استثناء الأكثر، في قول من قال لشخص: " له عندي عشرة إلا تسعة "، أنه لا يلزمه إلا واحد، وقد تعقبه شارحه الرهوني .في ذلك.
حاصل ما يشير إليه على منهجه ان من مسائل الاستثناء التي اختلف فيها المالكية لقد اختلف المالكية في هذه القاعدة،وصاروا فيها إلى ثلاثة مذاهب مسألة استثناء الاكثر
المذهب الأول: جواز استثناء الاكثر، وحكاه المازري عن مالك حين قال " وأما استثناء الأكثر من الأقل، فالمشهورعند سائر الفقهاء جوازه، وهو مذهب مالك ..." . شرح التلقين، م، س، ج8، ص 46. وتبعه في ذلك القرافي في شرح التنقيح مع حاشية التوضيح والتصحيح، م، س، ج: 2، ص: 11
وقد عزى الباجي هذا القول لأكثر المالكية، وللقاضي عبد الوهاب، حين قال مرجحا لاستثناء الاكثر ومشيرا له بقوله: "وقال أكثر أصحابنا إن ذلك جائز، وبه قال القاضي أبو محمد ، إحكام الفصول، م، س، ص: 276 وعزو الباجي آنفا جواز جوازاستثناء الاكثر لأكثر المالكية مما يفيد في معرفة معنى قول سيددي عبد الله :" وجوز الأكثر عند الجل..." وكان القرافي أكثر تحديدا حين نقل عن القاضي عبد الوهاب اختياره هذا القول فقال واختار القاضي عبد الوهاب ........جواز استثناء الاكثر ." شرح التنقيح مع حاشية التوضيح والتصحيح، ج: 2، ص: 9.
وقد نص القاضي عبد الوهاب نفسه على ذلك بقوله:
"استثناء الأكثر من الأقل يصح . الإشراف، ط دار ابن حزم، م: 2، ص: 616."
وقد وصف ابن رشد الجد هذا القول بأنه:" هو الصحيح ." البيان والتحصيل م، س، ج: 6، ص:286.
وهذا المذهب هو الذي كان الباقلاني يقول به أولا ثم رجع عنه . التقريب والإرشاد م م س ج:3، ص: 141 .
ــ شرح التلقين، م، ج8، ص:46.
ووقد رأينا أن جواز استثناء الأكثر حكاه المازري عن مالك حين قال " وأما استثناء الأكثر من الأقل، فالمشهورعند سائر الفقهاء جوازه، وهو مذهب مالك ..." . شرح التلقين، م، س، ج8، ص 46. وأما حكاية سيدي عبد الله
عن إمامنا مالك او ما يفيده مفهوم قوله:"ومالك أوجب للأقل..."فلم أقف الآن عليه إلا له أو للعلامة الولاتي في نيل السول ولم أر في شروح المراقي التي بين يدي تحريرا لذلك نعم ذكر العلامة محمد الأمين الشنقيطي أن مشهور المذهب المالكي موافقة الجمهور في جواز استثناء الأكثر كما قال خليل في مختصره الذي قال فيه مبينا لما به الفتوى " :"وصح استثناء ان اتصل ولم يستغرق 'انتهى من نثر الورود ج:1 / ص:290 ـــــ 291 . قلت وكلام الامام خليل هذا وإن كان في فرع خاص من فروع الطلاق فله تدل حكاية المازري المتقدمة قريبا جواز استثناء الأكثر ووصفه بأنه مذهب مالك.والله تعالى أعلم
ولهذا أقول لعل صواب قول سيدي عبد الله
"ومالك أوجب للأقل..."
ومالك وافق في ذا الأصل
عنه الامام المازري رواه
كذا خليل نصه حواه
أما الذي عنه حكاه سيدي
مع الولاتي فذا لم أجد
المذهب الثاني: أنه لا يجوز استثناء الاكثر وهو مذهب ابن الماجشون، وممن حكاه عنه الباجي، والمازري، وفي ذلك يقول ذاكرا إرجاع بعض العلماء خلافه إلى الخلاف في اللفظ. وخالف فيه من الفقهاء عبد الملك بن الماجشون من أصحاب مالك فلم يجزه، واعتذر بعض الأشياخ عن ابن الماجشون بأنه لم يخالف في الحكم، وإنما خالف في استعمال العرب، لذلك فرأي أنها لم تستعمل استثناء الأكثر من الأقل، ولكنها وإن لم تستعمل ذلك فلا يسقط حكم الاستثناء . شرح التلقين، م، ج8، ص:46. والمعونة ج:2، ص:1253 وإحكام الفصول، م، س، ص: 276
لكن الرهوني حكى عن ابن الماجشون، أن خلافه في ذلك ليس في وروده في اللغة فقط، بل هو أثير في الأحكام الفقهية .
ويفهم من كلام الباقلاني أن هذا القول هو الأجدر بالتصويب، وإن كان أولا يميل إلى القول بالجواز. وفي ذلك يقول بعد حكايته عن بعض العلماء، منع استثناء الاكثر من الأقل، مستحسنا ذلك: " وكأنه الأشبه، والأولى عندنا، وإن كنا قد نصرنا في غير هذا الموضع جوازه ".
المذهب الثالث:
أن المستثنى إذا كان غير محتمل، بأن نص عليه بلفظ العدد، امتنع استثناء الاكثر، كألف إلا سبعمائة، وإلا جاز كعبيدي أحرار إلا الصقالبة .وهو قول اللخمي وقد حكاه عنه الرهوني حين قال:" ومال إليه اللخمي من أصحابنا " .
وصفوة القول إن هناك زيادات في هذا المكتوب منها تحقيق قول القاضي عبد الوهاب بجلبه من كتابه الاشراف وآراء الباقلاني وابن رشد وكل ذلك مما لم أره فيما بين يدي من شروح المراقي وليس كثيرا.



الدكتور عبد الرحمن بن حمدي ابن ابن عمر





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صلات الباركيين بغيرهم من تاشمش / الدكتور عبد الرحمن حمدي ابن عمر

ارتباط اسمي الجد ابن عمر بن محمود والخال محمد الامين بن أحمد خرشي بتجديد رسم كنابين جليلين من كتب الشمائل والسير

مقابر الشمال