من تكرار مراقي ااسعود __ الحلقة ااسادسة والسبعون __

 





على قول العلامة سيدي عبد الله
(وحمل مطلق على ذاك وجب
إن فيهما اتحد حكم والسبب
وإن يكن تأخر المقيد
عن عمل فالنسخ فيه يعهد
وإن يكن امر ونهي قيدا
فمطلق بضد ما قد وجدا
وحيثما اتحد واحد فلا
يحمله عليه جل الفضلا
لعل سيدي عبد الله يشير في آخر هذه الابيات إلى حجية
قاعدة حمل المطلق على المقيد وكونها من القواعد التي اختلف فيها المالكية، وإلى ذلك أشار العلامة الطاهر بن عاشور حين قال بعد سيدي عبد الله عن هذه القاعدة "وهي خلافية عندنا. " حاشية التوضيح والتصحيح م، س، ج: 2، ص: 30..
وللخلاف هنا صور منها:
صورة اتفاق المطلق والمقيد في الجنس، واختلافهما في السبب والاختلاف فيها
المطلق من صور الاختلاف في هذه القاعدة ما إذا كان المقيد من جنس المطلق، وكلاهما متعلق بسبب لم يتعلق به الآخر. وهي داخلة في عموم قول سيدي عبد الله (وحيثما اتحد واحد فلا
يحمله عليه جل الفضلا ) وقبله نص على خلاف المالكية فيها ابن عاصم في مرتقى الوصول حيث قال:
وإن يكن مقيدا في واحد
فالخلف في المذهب في الموارد .
المذهب الأول: أنه لا يحمل المطلق على المقيد، ويبقى كل منهما على إطلاقه وتقييده إلا عن طريق القياس .فيما يوجد فيه شرطه .وحكاه الباقلاني عن الجمهور من أصحاب مالك . التقريب والإرشاد ج:3ص:310 .قلت ولعل سيدي عبد الله اشار لمثل قول الباقلاني هذا بقوله
وحيث ما اتحد واحد فلا
يحمله عليه جل النبلا
ولعل مما يعضد ذلك ما سياتي مم حكاية القاضي عبد الوهاب لمقابل هذا القول عن القليل من المالكية كما في شرح التنقيح للقرافي
وهذا التنبيه إن صح مما لم اره فيما بين يدي من شروح المراقي وليس كثيرا مع ان قول الباقلاني هنا مما ظاهره التعارض
وقال الباجي عنه إنه هو: "الذي عليه محققو أصحابنا "
إحكام الفصول م، س، ص: 281. ونسب القرافي إلى القاضي عبد الوهاب حكايته عن أكثر أهل المذهب.
شرح التنقيح مع حاشية التوضيح والتصحيح، م، س، ج: 2، ص: 36، و 38. وبه قال الباقلاني لمصدر نفسه والمكان والقاضي عبد الوهاب
وقال عنه ابن العربي: إنه "أظهر قول المالكية" - المحصول لابن العربي، م، س، ص: 108_
المذهب الثاني: أنه يجب تقييد المطلق بما هو جنس له من المقيدات، وحكاه الباقلاني أيضا عن كثير من اصحاب مالك التقريب والإرشاد، ج: 3، ص: 310 والقاضي عبد الوهاب عن القليل من المالكية كما نسب إليه ذلك القرافي. شرح التنقيح، م، س، ج: 2، ص: 38.
صورة اختلاف المطلق والمقيد في الجنس وفي السبب والاختلاف فيها:
ومن صور الاختلاف أيضا أن يرد المطلق والمقيد مختلفين في الجنس، وفي السبب، وقد صار فيها المالكية إلى مذهبين:
المذهب الأول: أن المطلق لا يحمل على المقيد، ووصف القاضي عبد الوهاب هذا المذهب بأنه: "مذهب مالك
وقد انتزع ذلك من قول مالك فيما روي عنه أنه قال: "عجبت من رجل عظيم من أهل العراق يقول: إن التيمم إلى الكوعين " فقيل له إنه حمل ذلك على آية القطع؛ فقال: "وأين هو من آية الوضوء ؟
المصدر نفسه . وشرح التنقيح مع حاشية التوضيح والتصحيح م، س، ج:2، ص:38.
مناقشة هذا المأخذ:
لم يرتض الباجي هذا الانتزاع، بل وصفه بأنه: "تأويل غير مسلم"؛ لأنه لم يتعمق في تقسيم وسبر محامل قول مالك ذلك؛ لأن كلام مالك، قد يكون جاريا على سبيل القياس الأصولي لجامع بين الوضوء والتيمم، لا لكونه حملا للمطلق على المقيد الذي هو قانون لغوي ــ ولو مع فقد شروط القياس ــ كما هي الحال ــ هنا . إحكام الفصول م، س، ص: 280.بتصرف .
المذهب الثاني: أن المطلق يحمل على المقيد، وهذا المذهب هو المتبادر من قول مالك ـــ رضي الله عنه ــ باشتراط الإيمان في رقبة الظهار . إيضاح المحصول م، س، ص:323. وحاشية التوضيح والتصحيح م، س، ج: 2، ص: 36.
ووصفه الباجي بأنه: "المشهور من أقوال العلماء " إحكام الفصول م، س، ص: 280.
وقد حكى القاضي عبد الوهاب أيضا هذا القول عن القليل من المالكية.
. شرح التنقيح مع حاشية التوضيح والتصحيح م، س، ج:2، ص:38
الترجيح:
لعل الراجح هو القول الأول الذي نصره جل فحول المذهب، مما جعل الطاهر بن عاشور يقول:
"لكن الذي حكاه المازري عن مالك- رحمه الله – هو الحمل في هذا القسم .....، ولا أحسب من أصحاب مالك من يخالفه.
وفروع المذهب شاهدة بحمل المطلق على المقيد في هذا القسم، فقد قال باشتراط الإيمان في رقبة الظهار. " وما هو إلا حمل على رقبة كفارة القتل، وباشتراط العدالة في الحكمين بين الزوجين مع أنه مطلق في قوله: "فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها الآية حملا على الحكمين في جزاء الصيد، وهو مقيد في قوله تعالى: "يحكم به ذوا عدل منكم ." التوضيح والتصحيح م، س، ج: 2، ص:36.
وإيضاح المحصول م، س، ص: 322 - 323 324. - 326 .
تحرير محل النزاع:
موطن الخلاف إنما يكون مع حصول القيود التالية وهي: فيما دل على فرد شائع في جنسه، لا في اللفظ العام وذلك ما فصله القرافي بقوله محررا محل النزاع ومفرقا بين العموم والإطلاق والتقييد والتخصيص ــ وذلك من إبداعات المالكية فيما يبدو: "والبحث في المطلق والمقيد إنما هو موضوع بين العلماء في المطلقات التي هي مفهوم مشترك كلي كالرقبة المنكرة، أما الكلية العامة الشاملة فلا، والفرق إنك في النكرة زائد على مدلول اللفظ، ولم تبطل منه شيئا، فلم يعارض التقييد اللفظ السابق بخلاف صيغة العموم يحصل التعاض . فأحد البابين بعيد من الآخر، مع أن جماعة من العلماء لم يفرِّقوا، وساقوا الجميع مساقةً واحدةً، والفرق كما رأيت، فهو موضوع حسن، لم أرَ أحداً تعرَّض إليه . شرح التنقيح، م، س، ج: 2، ص: 37.
أن يكون المطلق والمقيد في موضوعين مختلفين، أما إذا كانا في موضوع واحد مع اختلاف طرق الرواية، فإن المطلق يحمل على المقيد اتفاقا، وفي ذلك يقول الأبي: "إنما التقييد والإطلاق إذا كانا في حديثين، أما إن كانا في حديث واحد من طريقين، فيرد المطلق إلى المقيد؛ لأن التقييد من زيادة العدل، وهي مقبولة، فيتفق على قبولها، إذا علم تعدد المجلس، أو جهل على طريقة الأبياري . نقلا عن التوضيح على شرح التنقيح لابن حلولو من الفصل الخامس من الباب الرابع إلى نهاية الباب الثاني في المجمل والمبين، 155. وحاشية التوضيح والتصحيح، م، س، ج: 2، ص: 34. وقد علق عليه الطاهر بن عاشور بأنه: "حسن "كما في حاشية التوضيح والتصحيح
أن يكون المقيد غير المطلق ولكنه من جنسه، وكلاهما متعلق بسبب لم يتعلق به الآخر. وفي ذلك يقول الباقلاني: "اختلف الناس في الحكم المنفصل من التقييد، إذا كان غير حكم آخر مقيد، وكان مع ذلك من جنسه إلا أنه متعلق بغير سببه، هل يجب حمله على الإطلاق أو تقييده بتقييد ما هو من جنسه المتعلق بغير سببه . التقريب والإرشاد، م، س، ج: 3 ص: 309.ويقول الإمام المازري أيضا محددا موطن الخلاف هنا: "إن اختلف الحكمان اختلافا متباينا لم يختلف العلماء في أنه لا يرد مطلق أحدهما ــ يعني اللفظين ـــ إلى تقييد الآخر، وإن اتحد الحكم فلا خلاف في رد مطلقه إلى مقيده، وإن تعدد/ ولكنه متناسب فهاهنا يختلف الأصوليون هل يرد المطلق إلى المقيد . إيضاح المحصول، م، س، ص: 322.
ــ عدم وجود جامع بين المطلق والمقيد يقتضي القياس، وإلا حمل المطلق على المقيد باتفاق المالكية . إحكام الفصول م، س، ص:281.
من أدلة المذهب الأول: "أن الأصل في اختلاف الأسباب اختلاف الأحكام " المصدر نفسه والمكان .
من أدلة المذهب الثاني: أن المطلق في متناول المقيد،" فالآتي بالقيد عامل بالدليلين.؟ّ شرح التنقيح مع حاشية التوضيح والتصحيح م، س، ج:2، ص:38.
أن رد المطلق إلى المقيد وجه نطق به العرب وجروا عليه فقد كانوا يطلقون في موضع، ويقيدون في آخر قاصدين رجوع القيد إلى المطلق . إيضاح المحصول م، س، ص: 327 328.
أن القرآن كالكلمة الواحدة في تصديق بعضه بعضا." المصدر نفسه والمكان .
مناقشة هذا الاستدلال:
"أن الموصوف بالاتحاد إنما هو الصفة القديمة المختصة بالذات، وأما هذه الألفاظ والعبارات فمحسوس تعددها وتغايرها " المصدر نفسه والمكان .
وصفوة القول إن كلام ابن الباقلاني المتقدم انه في التقريب مما شرح به قول سيدي عبد الله (وحيثما اتحد واحد فلا ...)
البيت وابن العربي في المحصول ونص كلام ابن عاصم في المرتقي
كل ذلك وغيره مما لم اره فيما بين من شروح المراقي وليس كثيرا وهو ملخص من كتابي الاختلافات الاصولية النقليه وأثرها في الفروع عند المالكيه
والعلم عند الله تعالى



الدكتور عبد الرحمن بن حمدي ابن ابن عمر






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صلات الباركيين بغيرهم من تاشمش / الدكتور عبد الرحمن حمدي ابن عمر

ارتباط اسمي الجد ابن عمر بن محمود والخال محمد الامين بن أحمد خرشي بتجديد رسم كنابين جليلين من كتب الشمائل والسير

مقابر الشمال