من تكرار مراقي السعود __ الحلقة الثانية والثلاثون ـــ

 





نرجع إلي قول العلامة سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم
في الكتاب العزيز:
"وليس منه ما بالآحاد روي
فللقراءة به نفي قوي ..."
والكلام في هذه الحلقة سيكون على أوائل النقل عن امامنا مالك فيه قال العلامة سيدي عبد الله في النشر شارحا قوله::"فللقراءة به نفي قوي..."يعني أن عدم جواز القراءة بالشاذ لا في الصلاة ولا خارجها قوي لأنه المشهور من مذهب مالك..."هكذا قال سيدي عبد الله وتبعه بعض الشراح ممن وقفت على كلامهم ولم يحققوا المشهور في مذهب إمامنا مالك ولا مقابله من الشاذ في القراءة بالشاذ والاحتجاج به
قلت وقد صرح بالمشهور في عدم القراءة بالشاذ والاحتجاج به من أساطين المذهب منهم القاضي عبد الوهاب الذي يقول في شرح الرسالة:ّ وبهذا القول أخذ القاضي عبد الوهاب حيث قرر إن "كل قراءة تخالف المصحف المجمع عليه، وما شهر عن الأئمة فلا يعتد لها ــــ هكذا في الأصل ولعلها بها. ــــ ولا يلتفت إليها ولا يثبت حكم بها، سيما وما روي عن ابن مسعود وأبي، مما يخالف المصحف مما لا يعتد به جميعا. وإذا كان الأمر على هذا وجب اطراحها جملة، وألا تنزل منزلة خبر الواحد ولا غيره، وإنما يعتد بخبر الواحد إذا ورد مفردا. حكم يقابله إجماع، أو بغير قراءة في المصحف المجمع عليه، فسقط ما قالوه ."
وقد ذكر الأبياري أن هذا القول، هو المستفيض من مذهب مالك حيث قال في التحقيق والبيان،: "اختلف الناس في العمل بالقراءة الشاذة، فالمشهور من مذهب مالك _ رضي الله عنه_ أنه لا تجوز القراءة بها، ولا يتلقي منها حكم..."
"وقد حكاه الباجي عن الباقلاني، وقال منتصرا له: " ما جاء في القراءات مما ليس في المصحف يجري عند جماعة من أهل الأصول مجرى الآحاد، سواء أسندها أم لم يسندها، وقال آخرون إنما تجري مجرى الآحاد، إذا أسندت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا فهي بمنزلة قول القارئ لاحتمال أنه أتى بها على وجه التفسير، وقال أبو بكر بن الطيب: "لا يجوز القراءة بها، ولا العمل بمضمونها وهو أبين." راجع شرح سيدي محمد الزرقاني على صحيح الموطإ لإمام الأئمة وعالم المدينة مالك بن أنس ، ط المطبعة الخيرية ،وبهامشه صحيح سنن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - جمع إمام المحدثين أبي داود سليمان بن الأشعث ون تحديد تاريخ ومكان الطبع.ج:1، ص:197.والملحوظ أن الزرقاني في شرحه اعتمد على نسخة أخرى من المنتقي تخالف ما في المطبوعة الآن فكلمة :"أبين "التي في نهاية كلامه ليست في المطبوعة وفي المطبوعة كذلك زيادة على ما نقله الزرقاني، ولولا قول الزرقاني "قال الباجي "وكونه لم يميز كلمة وهي أبين التي هي زيادة على ما في مطبوعة المنتقي، ج1، ص194 من الطبعة الأولى سنة: 1331هجرية مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر، ص: 194. وكون وهو أبين أقرب لمنهج الباجي المعروف بحجاجه وترجيحه غالبا بين الأقوال لأمكن القول: إنه اختصر كلام الباجي وزاد فيه: "وهو أبين.
الرواية الشاذة عن مالك بجواز القراءة بالقراءة الشاذة:
لعل من أوائل النقل عن إمامنا مالك بعد ما تقدم عن الموطا ما رواه ابن وهب عنه أبعد من جواز القراءة بالشاذ، فقال:
"حدثني مالك بن أنس قال أقرا عبد الله بن مسعود رجلا: "إن شجرت الزقوم طعام الاثيم "فجعل الرجل يقول طعام اليتيم، فقال له عبد الله: "طعام الفاجر"،
قال: "قلت لمالك أترى أن تقرأ كذلك، قال: نعم أرى ذلك واسعا." انتهى الجامع علوم القرآن لعبد الله بن وهب بن مسلم أبي محمد المصري برواية سحنون بن سعيد، تحقيق وتعليق ميكلوشموراني، ط، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى: 2003، ج: 3، ص: 55 –
لم يتلق أساطين المذهب هذه الراوية بالقبول وما دام القول بالجواز غير مشهور عن مالك، بل المشهور عنه القول بعدم الجواز، وقد تقدم هذا فإن أصحاب المشهور سلكوا منهجين، في توجيه رواية الجواز:
الأول: إنكار هذه الرواية، وممن رأى ذلك أبو سعيد بن لب حيث قال: " إنها لم تصح فلم يثبت معناها عن مالك، لخروجها عن أصوله وعدولها عن المعلوم من مذهبه" المعيار، م، س، ج 12، ص 112
والملحوظ أن ابن لب ــ وإن كان تقديمه لهذا القول يقتضي تقويته ــــ فغير مستساغ اكتفاء صاحب الأدلة النقلية بعزو ذلك له أحرى، إذا علمنا أن ما وراء الأكمة هو من عصارة فكر رجل من أعلام المذهب المالكي، مثل الإمام المازري، كيف يصح ذلك وقد صرح ابن لب نفسه بأنه إنما فهمه من كلام إمام سبقه إلى نقله وترجيحه في المذهب المالكي هو الإمام المازري، حيث قال في كلامه ذلك: "وقد أشار إليه كلام المازري." وابن لب يومئ إلى ما ورد في شرح التلقين من قول المازري، معلقا على رواية ابن وهب عن مالك المتقدمة قريبا، وقال ابن وهب أيضا: "حدثني مالك بن أنس قال أقرأعبد الله بن مسعود رجلا: "إن شجرة الزقوم طعام الاثيم ..." ومنتقدا تخريج شيخه اللخمي الذي يبدو أنه كان على الأقل يراعي خلاف مذهب القارئ بالقراءة الشاذة، حيث خرج على تلك الرواية المذكورة آنفا قولا بجواز الائتمام بمن يقرأ بقراءة ابن مسعود، حيث يقول: "وقد منع مالك من الائتمام بمن يقرء بقراءة ابن مسعود وروي عنه ابن وهب انه قال أقرء ابن مسعود رجلا "إن شجرة الزقوم طعام الاثيم ..."، فخرج أبو الحسن اللخمي على هذه الرواية جواز الائتمام بمن يقرأ بقراءة ابن مسعود، ورآه موافقا لقول ابن شهاب في تاويل قوله: "أنزل القرآن على سبعة أحرف ." فهذا التخريج زلل ، والمسألة عظيمة الموقع وأقل ما في الإبدال تحكم التمني والشهوة وإفساد بلاغة القرآن، ومن علم ما يطلبه البلغاء من تناسب النظام، علم ما قلناه، ومالك لا يقطع على أنه قال ما روي عنه في هذه الرواية الشاذة، ولوقطعنا به لتأولناه على وجه يوافق الصواب، كما تأوله العلماء، ما حكي عن ابن مسعود في هذا واضطروا إلى الاعتذار عنه لما كان عندهم الإبدال لا يتسامح فيه"
- (في نسخة المعيار للونشريسيج12 ص680 فهذا التخريج زلة والمثبت من شرح التلقين المطبوع ج:2،ص:680
فهذاهو الكلام الذي نقل ابن لب بعضه، وعناه بقوله المنقول في المعيارللونشريسي: "وقد أشار إليه كلام المازري."
بل إن المازري يؤكد كونه ذكر هذه المسألة في غير واحد من كتبه حين يقول عنها: "وقد أشبعنا الكلام على هذه المسألة... في كتابنا المترجم بقطع لسان النابح ... .""
وقذ أرورد الامام في شرح التلقين مباحث عن ضوابذ القراءة فلتراجع.
ولعل هذه الردوذ وهذا البيان لشذوذ هذه الرواية مما أشار اليه العلامة سيذي عبد الله بقوله:" " فللقراءة به نفي قوي ..."
مما لم اره فيما بين يدي من شروح المراقي وليس كثيرا
ومن أراد كلام غير هؤلاء من أساطين المذهب في هذا المبحث فليراجع فيه كتابي المطبوع الاختلافات الاصوليه النقليه واثرها في الفروع عند المالكية
فلم أشا أن أطيل به هنا
والله تعالى أعلم
الدكتور عبد الرحمن بن حمدي ابن ابن عمر





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صلات الباركيين بغيرهم من تاشمش / الدكتور عبد الرحمن حمدي ابن عمر

ارتباط اسمي الجد ابن عمر بن محمود والخال محمد الامين بن أحمد خرشي بتجديد رسم كنابين جليلين من كتب الشمائل والسير

مقابر الشمال