من أمالي شيخنا محمد سالم ابن عبدالودود ــ رحمهما الله ــ النحوية وبعض نكته في تدريس الألفية :"الحلقة السادسة "
لأحداث دهمت بلادنا وأرض المسلمين صرفت إلى بعض علوم الشيخ الأخرى، وأسفار عرضت شغلت مني البال والفكر تأخرت في كتابة ونشر هذه الحلقة التي نتناول فيها أمثلة جلها من الأخطاء اللغوية الشائعة والتي لأكثرها تعلق بتدريس الألفية
استعمال كلمة يفي بمعنى يجي ء:
ينبه الشيخ عند إقراء قول ابن مالك في سياق كلامه على لحوق نون الوقاية آخر بعض الأسماء المبنية أوحذفها :"وفي لدني لدني قل وفي *قدني وقطني الحذف أيضا قديفي "يفيد الشيخ رحمه الله في درسه أيضا أن استعمال "يفي " بمعنى يجي ء أمر غير سائغ وإنما الذي بمعنى يجيء هو يوافي .والذي بمعنى يفي هو يتم وكأن شيخنا يشير إلى ما وقع في حاشية الصبان على شرح الأشموني بتحقيق عبد الرؤوف سعد ،ط المكتبة التوفيقية ط المكتبة التوفيقية ،ج:1،ص:208 . من قوله عند قول ابن مالك هذا "قد يفي أي :"ياتي ."
نفاية بكسر النون خطأشائع :
في تدريس المصادر على ما أذكر عند قول ابن مالك "فعولة فعالة لفعلا*كسهل الأمر وزيد جزلا..." يفيد الشيخ أن قول أهل العصر النفاية بكسر النون خطأ شائع والصواب نفاية بضم النون ويستدل على ذلك بقول ابن مالك :"لحرفة قد تكسر الفعاله *واضمم لما يطرح كالنخاله *وفتحها لخلق النفس اجتلب *مثل الشجاعة وكل قد غلب "فالنفاية مما يطرح وفي النفاية يقول ابن المرحل أيضا في نظم فصيح ثعلب في باب المضموم أوله شارحا معناها ،ومحددا مبناها :"وحجزة السروال ما تثنيه*وهي النفاية لما تنفيه*من الطعام أوسواه من ردي*وقد ذكرنا فعله عند البدي " راجع موطأة الفصيح م،س،ص:163 ـــ 164
استعمال لفظ النمو مصدرا لنمى الشائع اليوم ليس هو الأفصح :
قول ابن مالك :"كذاك ذا وجهين جا الفعول من *ذي الواو لام جمع أو فرد يعن:" يستعرض الشيخ في تدريس هذا الموضع إن نموا المستعمل اليوم ليست هي الأفصح بل الصواب أن يقال النمي ويستدل الشيخ على ذلك بكون "النمي": هو الجاري على المسألة المسماة مسألة الكدرة "الجرة المذكورة في قول ابن مالك "إن يسكن السابق من واو ويا **واتصلا ومن عروض عريا "لالتقاء واو الفعول بياء ينمي الذي أصله يائي كما جاء في قول الشاعر :"ياحب لاتغير وازدد*وانمي كما ينمي الخضاب في اليد"
بكاف معقودة أي الجرة "بالفصحى وينشد هنا قول ابن المرحل في نظم فصيح ثعلب "قال نمى المال بمعنى كثرا**ينمو نميا إن اردت المصدرا ."موطأة الفصيح بتحقيق عبد الله بن محمد بن سفيان الحكمي ص:53.
ومما يعضد هذا ضعف النمو بالواو والتردد في نقله عن العرب فقد قال ابن منظور "نمى ينمي نميا ونميا ونماء زاد وكثر وربما قالوا ينمو نموا المحكم قال أبو عبيد قال الكسائي ولم أسمع ينمو بالواو إلا من أخوين من بني سليم قال ثم سألت عنه جماعة بني سليم فلم يعرفوه بالواو ..." راجع لسان العرب مادة نمى .
وكأن شيخنا لم يرتض إطلاق الأشموني وقوله في شرح بيت ابن مالك المتقدم "كذاك ذو وجهين جا الفعول من *ذي الواو لام جمع أوفرد يعن" :"هذا موضع ثامن تقلب فيه الواو ياء، أي إذا كان الفعول مما لامه واو لم يخل من أن يكون جمعا أو مفردا، فإن كان جمعا جاز فيه الإعلال والتصحيح إلا أن الغالب الإعلال ...وإن كان مفردا جاز فيه الوجهان إلا أن الغالب التصحيح، نحو: "وعتوا عتوا كبيرا" "لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا"وتقول: نما المال نموا وسما زيد سموا، وقد جاء الإعلال في قولهم: عتا الشيخ عتيا وعسا عسيا، أي ولى وكبر، وقسا قلبه قسيا، وإنما كان الإعلال في الجمع أرجح والتصحيح في المفرد أرجح لثقل الجمع وخفة المفرد.
تنبيهان: الأول في كلامه ثلاثة أمور: أحدها أن ظاهره التسوية بين فعول المفرد وفعول الجمع في الوجهين، وليس كذلك كما عرفت. ثانيها ظاهره أيضا التسوية بين الإعلال والتصحيح في الكثرة وليس كذلك كما عرفت، وقد رفع هذين الأمرين في الكافية بقوله:
ورجح الإعلال في الجمع وفي*مفرد التصحيح أولى ما قفى"شرح الاشموني على الألفية بتحقيق عبد الرؤوف سعد ،ط المكتبة التوفيقية ط المكتبة التوفيقية ،ج:4،ص:460 ــــ 459 .وصفوة القول إن الشيخ يرى أن علينا مراجعة نسبة نمي الوعي بلغة القرآن، فينا قبل التوغل في الاطلاع على ذلك "النمو"الذي دأبنا على استعماله فيما نتداوله من ألفاظ وبيان .
الدكتور عبد الرحمن بن حمدي ابن ابن عمر

تعليقات
إرسال تعليق