كنت قد شرعت في حلقات من الميزابية عدى عنها الترحال وأعطاب حلت بالجهاز وأتت على ما في الإرشيف وغير ذلك من الأشغال التي منها الشروع في حلقات من تفسير القرآن العظيم من خلال مؤلفات الشيخ لم أزل في نشرها على هذه الصفحة وقد تقدم الكلام عن الميزابيه وأهمية موضوعها علم الجدل في هذا العصر الذي "فاض الطعن والجواب " وحضورها من خلال مؤلفات عدد من الشناقطة وأنظامهم وما لقيت من احتفاء ومن أجل ذلك كتاب "أمالي الدلالات ومجالي الاختلافات "لفخر العصر العلامة عبد الله بن بيه واليوم أعود لأقدم حلقة عن الميزابية في مصنفات الشيخ نفسه فقد ذكر الشيخ رحمه الله الميزابية وأحال عليها في جملة من مصنفاته منها كتاب إدخالات البحر في الغدير والجمان و" صداق القواعد" مما يعني أهمية هذه القصيدة عند الشيخ .
ومن ذكر الشيخ محمد المامي رحمه الله للميزابية وملاحظته غياب موضوعها علم الجدل عن مؤلفات علماء عصره في بلاد شنقيط قوله في سياق تعداده لكتبه التي كان ينوي إهداءها لملك المغرب إذذاك محمد بن عبد الرحمن :" وسورت بجدل الميزاب*ففنه عنا من العزاب " السلطانية مع نظم المختصر المطبوع ص:524.
ويقول أيضا في الميدان نفسه مفصحا عن صلة هذه القصيدة بموضوع القوادح "ونمر الميزاب في قوادح *مسالك وردها للقادح "المصدر نفسه :527.
ويقول الشيخ مقرظا هذه القصيدة ومبينا أهميتها من خلال تكفلها بعلم الجدل متكلما بحماسة لمسناها وأشرنا إلى كونها من أسلوب الميزابيه " وذلك في نظمه "قرن اجمل " :"والقدح بالإرسال والجواب من فني الحديث والكتاب* سمي علمه بعلم الجدل *من كل دفتر أصولي جلي *بذاك قد تكفل الميزاب *وفاض فيه الطعن والجواب "راجع نظم قرن اجمل المطبو ع مع ديوان الشعر الحساني "لغن "ص:183.
ويقول الشيخ أيضا في سياق شرحه لقول الزقاق :"والحد لايلزم لكن إن شهد*غير به تمت وإلا فاعتمد *على اليمين وكذا جهل العدد *بينة أو نسبت وقد ورد *ألرد فيهما وأد مثبتا *أو جامعا نفيا له كما أتى ..."..زفيهما أي الجهل والنسيان ويلزم مثله في نسيان الحد أوجهله منجوري اهـــ. قلت وعلى ذلك يتضح عود الضمير على مسألتي الحد والعد فلا لزوم حينئذ واللزوم دونه جدل التلازم وقد أفردنا له تصنيفا قال في الميزابية:
فإذا يقول الشرح "ظاهره كذا " * صار المفازة والفقيه ضبابها * وجبال ديمة دون ذاك منيفة * ياليت بعض ثمود قبلك جابها "وفي هذا البيت من البديع التلميح وتجاهل العارف ."شرح صداق القواعد ص:573
وراجع لكلام المنجور هذا وأبيات الزقاق اختصاره خواتم الذهب على المنهج المنتخب لعبد الواحد بن محمد الأزموري الهلالي تحقيق د:أحمد بن عبد الكريم نجيب ط مركز نجيبويه 368 ـــ 369 ــــ 370 .
ومن إحالات الشيخ على الميزابية قوله في سياق كلامه عن الأدلة الاجتهادية ومباحث الألفاظ ومقابلها من التخريج "فصل : كما يوخذ ترجيح القول الثاني على الأول من نسخ الثاني للأول كذلك يوخذ مقابل باقي مباحث الألفاظ ...انظر قصيدة الميزابية في مصاب الظنون الميزانية ..."الجمان المطبوع مع مجموعة من مؤلفات الشيخ ص:444.
ومن ذلك قوله الشيخ مبينا ما يفتقر إليه الممارس للتخريج :"ويحتاج الفقيه في التخريج إلى معرفة أسباب الإجمال وأسباب البيان وأسباب الظهور وأسباب التأويل وأسباب العموم وأسباب الخصوص ومعرفة المسائل التي اختلف فيها هل هي مجملة أومبينة ومعرفة أنواع المفاهيم ومعرفة المواضع التي لايعتبر فيها مفهوم المخالفة انظر ذلك كله في "القصيدة الميزابيه ..."المصدر السابق نفسه 444 ـــ 445.
ويقول الشيخ أيضا في كتابه إدخالات البحر في الغدير (ولا بد لأهل السنة من جدل يخص الكتاب وجدل يخص السنة وجدل يخص الإجماع وجدل يخص القياس، وهو مطاعن الجميع و الجواب عنها، وهو ـ أي الجدل ـ مشروع إجماعا كما نص عليه عضد الدين في باب الاجتهاد لا في باب القوادح من شرحه لابن الحاجب الأصلي،كما قلت في الميزابية:
إجماع الامة في الجدال مسلـم* تبني عليه ذهابها وإيابها
وبه الشريعة لومست في إبطها فرأى المقلد أربعا أنيابها
ولعله يشير إلى ما ذكره العضد في شرح مختصر المنتهى الأصولي لابن الحاجب ـ تحقيق: محمد حسن محمد حسن إسماعيل ـ نشر: دار الكتب العلمية ـ ط 1: 1424 هـ= 2004 م ـ ج 3، ص 603. يقول: (واستدل بأن الأمة أجمعوا على شرع المناظرة).
كما أرشد إليه أستاذنا المعلوم ابن المرابط في تعليق له على بعض حلقات :"قراءة في الميزابية" السابقة إلى موضع هذه الإحالة على العضد، أيد الله بنا وبه ذراع اٌسلام والعضد.
وصفوة القول إن الشيخ يرى أن الميزابية تكفلت بالمهم من علم الجدل "بذاك قد تكفل الميزاب *وفاض فيه الطعن والجواب "وأنها من المراجع المهمة عند الشيخ لتسجيله خلو موطنه من علم الجدل أيام إنشائها ، ولإحالاته المتكررة عليها الكامنة في ثنايا كتبه وأحشائها وأرجو من الله التوفيق لبيان ما تبقى من أمكنة هذه الإحالات من خلال قراءات أخرى في الميزابية وشرحها ،أكرمنا الله وإياكم بنور الصدور وشرحها .



الدكتور عبد الرحمن بن حمدي ابن ابن عمر




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من تكرار مراقي السعود __ الحلقة الثانية بعد الستين

شكر المزيد من فضل المعيد على مآثر وتأثير الجد العالم أحمد بزيد

كلمة مختصره في حياة (العامري) الجد بارك الله بن أحمد بزيد