من خواطر هذا العبد الضعيف المغبون حول آية "أفغير دين الله تبغون" والآيات التي بعدها
في عصر كعصرنا الذي كثر فيه التمييع والتشيع والتطبيع وتعالت أصوات شياطين تنقيء مصطلحات هي أشبه بسراب بقيعة من قبيل "نقارب الأديان ومساواتها إلى غير ذلك مما شغل عن تدبر القرآن العظيم والاستمساك بهديه القويم ومما غفل عنه اليوم ما يؤكده ثمن "أفغير دين الله تبغون وله أسلم من في السموات والارض طوعا وكرها وإليه ترجعون"من أوله إلى آخره من حقيقة تضافر آيات القرآن على تقريرها مفادها أن من يدين بغير الاسلام والعياذ بالله فكل أعماله مجرد تعب وخبال ونصب هي بتعبير القرآن "سراب بقيعة "أو "كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف" لذلك بدأ هذا الثمن المتلو أوله آنفا بقول الله جل من قائل "أفغير دين الله تبغون "وختم بآية :"إن الذين كفروا وما توا وهم كفار فلن يقبل من احدهم ملء الارض ذهبا ولو افندى به ." و"دين الله هو الإسلام لقوله تعالى :" إن الدين عند الله الاسلم " وإضافته إلى الله لتشريفه على غيره من الأديان ، أو لأن غيره يومئذ قد نسخ بما هو دين الله ." راجع التحرير والتنوير للإمام ابن عاشور ج:3،ص:301. ولعل هذا الثمن أكثر أثمان القرآن العظيم والآيات المتتالية استفاضة في أخبار عدم قبول أعمال الكفار، والحكم عليها بأنها محض تباب وخسار، "إلا الذين تابوا من بعد ذلك." وإذا صحت هذه المقدمة فلعل من حكم هذا البسط في هذه السورة سورة ءال عمران التي انفردت هي أيضا بالاستفاضة في دحض أباطيل النصارى ومجادلتهم بالتاريخ وغيره رد ما يمكن أن يتوهمه ضعيف العقل ومريض النفس من أن أهل الكتاب ولا سيما النصارى القريب زمان رسالة رسولهم برسولنا المرسل رحمة للناس كافة صلى الله عليهما وسلم لا يبعد أن يكونوا متقبلي الأعمال متحققي الآمال ولكن هذه الآيات التي تقدمت الإشارة إليها تقضي على ذلك الوهم وتقرر أن "من يبتغي غير الاسلم دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخسرين"بيد أن العائد إلى الإيمان بجميع الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام المرسلين من رب العالمين وعدم التفريق بينهم يجد بغيته في الإسلام لذلك قال تعلى في هذا الثمن:" قل ـــ امنا بالله ومآ أنزل علينا ومآ أنزل على إبراهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والاسباط وما أوتى موسى وعيسى والنبيئون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون " ووقع في التحرير والتنوير للإمام ابن عاشور هنا :" والجملة اعتراض . واستئناف : لتلقين النبي عليه السلام والمسلمين كلاما جامعا لمعنى الإسلام ليدوموا عليه ، ويعلن به للأمم .اهــ من "التحرير والتنوير ج:3 ،ص:300.وقد ورد في هذا الثمن أيضا بيان سبب الإيمان لهذه الخالق سبحانه وأنه :" له أسلم من فى السماوات والارض طوعا وكرها وإليه ترجعون "الآية وقد شاهد المتتبعون والعارفون ببعض ظواهر هذا الكون ما فيه من تناسب وتناسق ينبأ عن توحيد الله عز وجل وعن قدرته وجلاله وعظمته سبحانه ويعين تدبر الآيات الواردة قبل هذا الثمن في التحقق من هذا المعنى حيث ورد فيها قوله جل من قائل :" وإذ أخذ الله ميثق النبيين لمآ ءاتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءاقررتم وأخذتم على ذالكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشهدين فمن تولى بعد ذالك فأولائك هم الفسقون ."فإن قيل إن بعض الآيات الواردة في هذا الثمن جاء فيها خطاب غير أهل الكتاب من مجمل المرتدين نعوذ بالله قلت الارتداد قد يكون إلى اليهودية أو النصرانية وورد ذلك في هذا الثمن لكونه مناسبا للاستفاضة والتفصيل فسبحن من تقدس وأنعم وجعلنا أمة هذا الرسول والتنزيل.
الدكتور عبد الرحمن بن حمدي ابن ابن عمر

تعليقات
إرسال تعليق