غض البصر من مقاصدالزواج رغم عدم وروده في "مقاصد " للإمام ابن عاشور

 




مع ولوعي الشديد وإعجابي المفرط بكتابا ت وآراء الإمام ابن عاشور واستفادتي منه وكونه شيخ شيخي العلامة محمدسالم ابن عبد الودود وإن الواقع ولسان الحال ليخاطبانني محقين ومن انت حتى تتصدى لماحبره هذا العلم فأجيب مغلبا الطمع في فضل الله إن كل ذلك لايمنع من إمعان النظر في أشياء كتبها الإمام أوالاستدراك عليه إذاكان ذلك معضدا بالحديث الصحيح وبقواعد العربية والأصول والمقاصد التي كان الإ مام أحد أقطابها وبمايمليه مذهب تضلع هو منه وتطفل هذا العبد الضعيف عليه ألاوهو ا لمذهب المالكي الذي يرى المتتبع لبعض نصوصه مدى أهمية غض البصر فيها فقد آمن المالكية أن اللله جعله حرزاوحاجزا دون الفتنة وماتحدثه إجالة البصر في المجتمع من بلبلبة وإثارة لاقبل للناس بهماوتناول هذا المبحث في عصرنا ليس فضولا ولاترفا فكريانظرا لماتتعرض له الأبصار ومايعترض طريقها من عقبات ومايمثل أمامها من مغريات أسهم في تعقيدها هذا التطور في وسائل الاتصالات ومن نصوص المالكية المشار غليها آنفا نورد هنا نصين هما :
أذان الشاب الأعزب على المنار :
ورد في المدخل لابن الحاج مانصه "و ينهى المؤذنون عما أحدثوه من أذان الشباب على المنار لأنه لم يكن من فعل من مضى ...وينبغي للمؤذن الذي يصعد على المنار أن يكون متزوجا لأنه أغض لطرفه والغالب في الشباب عدم ذلك والمنار لا يصعده إلا مأمون الغائلة وقد كان بعض الصالحين بمدينة فاس يصحب إمام المسجد الأعظم الذي هناك وكان للرجل الصالح ولد حسن الصوت فطلب من الإمام أن يأذن لولده في الصعود على المنار ليؤذن فأبى عليه وقال له ولم تمنعه قال إن المنار لا يصعده عندنا إلا من شاب ذراعاه لأن ذلك دليل على الطعن في السن فرغبه في ذلك وامتنع منه وقال أتريد أن تحدث الفتنة في قلوب المؤمنين
والمؤمنات فقد تراه امرأة فتشغف به وكذلك هو أيضا قد يرى مالايمكنه الصبر عنه فتقع الفتن وأقل مافيه شغل قلوب المومنين بشي ءكانوا عنه في غنى . فانظر رحمك الله كيف كان تحرزهم في هذا العهد القريب وكيف هوالحال اليوم "المدخل لابن الحاج ط دار الفكر ج:2،ص:247.وقارنه بنقل الحطاب ط دار الرضوان ج:2،ص:97 .تجد الفرق في النقل وكأنه اختصر كلامه مع أن إيراده له وسكوته عليه مهم لأنه تسليم له أيضا .
استئجار الأعزب المرأة لتخدمه :
ورد في مواهب الجليل فرع: قال في المتيطية: ولا يجوز استئجار الأعزب المرأة لتخدمه في بيته مأمونا كان، أو غيره، فإن كان له أهل جاز إن كان مأمونا، وكانت المرأة متجالة لا أرب للرجال فيها، أو كانت شابة ومستأجرها شيخ كبير فإن ذلك جائز انتهى. ونحوه في اللخمي، ونقله ابن عرفة، وفي الجعل منها في ترجمة إجارة نزو الفحل: وأكره للأعزب أن يؤاجر حرة ليس بينه وبينها محرم أو أمة لخدمة يخلو معها أو يعادلها في محمل انتهى. أبو الحسن الكبير انظر هل الكراهة على بابها، أو على المنع ؟؛ لأن فيه خلوة وعلى هذا حمله اللخمي، وقال: لم يجز، وكذا نقله المتيطي وابن فتوح، وفي رسم لم يدرك من سماع عيسى من النكاح: وسئل عن المرأة العزبة الكبيرة تلجأ إلى الرجل فيقوم لها بحوائجها ويناولها الحاجة هل ترى له ذلك حسنا؟ قال: لا بأس به، وليدخل معه غيره أحب إلي، ولو تركها الناس لضاعت ابن رشد، وهذا على ما قال: إنه جائز
للرجل أن يقوم للمرأة الأجنبية في حوائجها ويناولها الحاجة إذا غض بصره عما لا يحل له النظر إليه مما لا يظهر من زينتها لقوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] وذلك الوجه والكفان على ما قاله أهل التأويل فجائز للرجل أن ينظر إلى ذلك من المرأة عند الحاجة والضرورة، فإن اضطر إلى الدخول عليها أدخل غيره معه ليبعد سوء الظن عن نفسه، فقد روي "أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لقيا النبي صلى الله عليه وسلم ومعه زوجته صفية رضي الله عنها فقال لهما: "إنها صفية" ، فقالا: سبحان الله، يا رسول الله، فقال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما فتهلكا""أوكماقال صلى الله عليه و سلم "علق شيخنا لمرابط محمد سالم ابن عبد الودود في الهامش بقوله :"وردت في البيان ج:4،ص: 428.راجع مواهب الجليل ط دار الرضوان م: 6،ص: 144ـــ 145.
من فحوى هذين المثالين العمل بمقصدغض البصر :
هي نتف من تعامل المالكية مع غير المتزوجين نرجو أن لايفهم منها أن الأعزب في نظرهم مواطن من الدرجة الثانية لايتمتع بالحقوق نفسها التي يتمتع بها المتزوج أوأنها تدخل في الاستعمال المفرط لأصل سد الذر ائع إذلم يأذن المالكية للأعزب بصعود المنبر ليؤذن ولم يسمحواله باكتراء شابة لتخدمه و ليس الغرض من جمع هذا إحراج غير المتزوجين بمقدارما هو بيان بأن من تأمل في هذين الموضعين رأى مدى إعمال المالكية لمقصد غض البصر
طريقة أخذ مقصد غض البصر :
ومقصد غض هو المنبه عليه في النكاح الوارد في الحديث الوارد في الصحيحين " يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"
والذي كان مراعى عند المالكية وتأتي هذه الأ مثلة نصوصا من المالكية في ا لعمل به وأن الفاء في ذلك الحديث تفيد العلية وهي من مسالك العلة المذكورة في قول العلامة الشيخ سيدي عبدالله "ومسلك العلة مادل على علية الشي متى ماحصلا *الاجماع فالنص الصريح مثل *لسبب فعلة فيتلو *من اجل ذا فنحو كي إذا فما *ظهر لام ثمت الباعلما * فالفاء للشارع فالفقيه ."ويدل لهذه التعليل والمنزع المقاصدي مانبه عليه الشاطبي في موافقاته ونقله الإمام ابن عاشور نفسه وسلمه أن من جهات مقصد الشارع علل الأمر والنهي والفاء من"فإنه أغض للبصر "من ذلك الباب دالة على علية النكاح في غض البصر وقد ورد في فتح الباري للحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث المتقدم مانصه :" أغض أي أشد غضا وأحصن أي أشد احصانا له ومنعا من الوقوع في الفاحشة وما ألطف ما وقع لمسلم حيث ذكر عقب حديث بن مسعود هذا بيسير حديث جابر رفعه إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فليعمد إلى امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما في نفسه فإن فيه إشارة إلى المراد من حديث الباب وقال بن دقيق العيد يحتمل أن تكون أفعل على بابها فإن التقوى سبب لغض البصر وتحصين الفرج وفي معارضتها الشهوية الداعية وبعد حصول التزويج يضعف هذا العارض فيكون أغض وأحصن مما لم يكن لأن وقوع الفعل مع ضعف الداعي اندر من وقوعه من وجود الداعي ويحتمل أن يكون أفعل فيه لغير المبالغة بل أخبار عن الواقع فقط"
تأصيل مقصد غض البصر من القرآن :
وقد ورد أصل الأمر بغض البصر في القرآن العظيم وأمر الرجال والنساء به على حد سواء فقال جل من قائل :"قل للمومنين يغضوامن ابصرهم ويحفظوافرو جهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بمايصنعون وقل للمومنت يغضضن من ابصرهن ويحفظن فروجهن ولايبدين زينتهن إلاماظهر منهاوليضربن بخمرهن على جيوبهن " .ونظر غير الزوج لحريمه قد يحدث فتنة وتهارجا من مقصد الشارع حسمها وقطعها وفيه يدخل لمس بعض جسد المرأة وتفويت منفعة مقصودة مثل مايحدثه لمس ثدي الكعاب ونحوه إذ هو تفويت له وغيرذلك مما هو داخل في فحوى غض البصروحفظ الله أخانا محمد بن محمد المامي الذي يقول :كون المصافحة من فحوى النظر *باد من اجل ذا فحكمها الحظر*دليله :"فلمسوه "الآيه *فكن من اهل الفهم والدرايه.
اكتفاء الإمام ابن عاشور بمقصد الإحصان عن مقصد غض البصر
ربمايكون شيخ شيوخنا ابن عاشور اكتفى عن ذكر غض البصر بماهوغاية له و و هو إحصان الفرج كمافعل الإمام الشاطبي حيث ذكرأن في موافقاته أن من الأسباب أوالمصالح التي اجتلب لها النكاح التعفف الموافقات ط دارؤإحياء التراث العربي ج:1،ص:194,والتعفف أعم من قضيتنا وقد نقل الشاطبي عن الغزالي بأن "من فتح بصره حيث يجب غض البصر فقد كفرنعمة الله في السموات والارضين :"المصدر السابق نفسه والجزء ص:182. لكن تصريح الحديث بهذا المقصد من خلال الإتيان بالفاء يفرض على قلمي الصغير النهوض للاستدراك هنا يحدوه لذلك مقصد الإحصان ومقصد غض البصر متغاير ان ولذلك عطف عليه في الحديث وفرق بينهما وأن لكل منهما جارحته و ماورد من أن" العين تزني "كمافي مسند أحمد ومصنف عبد الرزاق والقول بأن ابن عاشور لم يستشهد بهذا الحديث المبين لمقاصد النكاح وأن المالكية في تطبيقاتهم أشاروا لهذا المقصد وأعملوه كما رأينا والله تعالى أعلم وإن كان من طبيعة ابن عاشور شيخ الفقه المالكي و"زيتونته "التنبيه على مايسميه "غرر المذهب المذهب المالكي"
خلاصة :ولعل في هذين المثالين المتقدمين من فروع المالكية وشبههما تنبيها على أهمية بناء البيت المسلم الذي يعتبر لبنة في صرح هذه الأمة وحضا على النكاح الذي هو مكمل للضروري الذي منه المحافظة على الأنساب وإلى سد باب الفتنة "وميل لما هو أغض للبصروإحصان للفرج ":وحرص على مكاثرة نبينا بنا الأمم يوم القيامة " .وأيضا لم يعرج محقق مقاصد الشريعة ط دار النفائس الميساوي على هذا ولم ينبه عليه والله الموفق



الدكتور عبد الرحمن بن حمدي ابن ابن عمر






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صلات الباركيين بغيرهم من تاشمش / الدكتور عبد الرحمن حمدي ابن عمر

ارتباط اسمي الجد ابن عمر بن محمود والخال محمد الامين بن أحمد خرشي بتجديد رسم كنابين جليلين من كتب الشمائل والسير

مقابر الشمال